القراء الأعزاء، جلست أمس مع نفسي بآخر الدوام بعد أن عرض علينا سبع قضايا طلاق لنقوم بحلها. وسألت نفسي في لحظة تأمل عميق: ما السبب الأهم والأعم في كل المشاكل الأسرية التي وردت اليوم والتي مرت بنا خلال السنوات الماضية ؟ قد تتعجبون إن قلت لكم إن السبب الأهم والأعم لكل المشاكل الأسرية ليس الخيانة ولا العنف ولا الضرب ولا السب.... إن هذه كلها ظواهر وآثار لمشاكل موجودة أصلا في تعامل الزوجين معا ، ومن وجهة نظري وحسب ما مر بي من مئات القضايا الأسرية أن أهم سبب هو : الغضب.... نعم الغضب....فما سمعنا بعنف أسري وقع إلا بسبب الغضب وما سمعنا بسب وتلاسن وقع بينهما إلا بسبب الغضب حتى الخيانات أغلبها تقع بسبب سوء المعاملة والغضب الذي يدفع أحد الزوجين للبحث عن شريك أخر يحترمه ويحتضنه ويحن عليه ويحتويه فتقع الخيانة . لذلك كانت من أهم الوصايا النبوية من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بأنه يجب على الواحد منا أن يمسك نفسه عند الغضب، لأنه أصل كل المشاكل والمدخل الأول لإبليس لإفساد حياتنا وتخريب بيوتنا، فعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:( لَيْسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّمَا الشَدِيدُ الَّذِي يَملكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ) . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. فالغضب بين الزوجين إذا كان دافعه الانتصار للنفس ، أو العصبية والحميّة للرأي تترتب عليه نتائج خطيرة على الأسرة، ومن ثم حذرنا منه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال :أن رجلاً قال للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أوصني ، قال : لا تغضب ، فردد مراراً ، قال : لا تغضب ) رواه البخاري ، وفي رواية ( لا تغضب ولك الجنة ) رواه الطبراني . وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت :( ما ضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيئا قط بيده ، ولا امرأة ولا خادما ، إلا أن يجاهد في سبيل الله ، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه ، إلا أن ينتهك شيء من محارم الله ، فينتقم لله عز وجل) رواه مسلم عزيزتي القارئة، عندما يحتد النقاش بينك وبين زوجك، ركزي فقط على هدفك لا مشاعرك، فإن شعرت بالغضب تذكري بأن الغضب لن يحل مشكلتك، بل التركيز على الهدف يحتاج إلى الهدوء، وهكذا ستجدين كيف أن التركيز على الهدف سيرفع الضغط النفسي عنك، ويكسبك قوة لتحمل مضايقات الطرف الثاني، وستجدين انك لست غاضبة وهو ما يسميه علماء النفس (التحكم الإنفعالي). إذا لا حظت ان زوجك يحاول تتكبير المشكلة وتصعيد الخلاف وأنه غير ملتزم بالسلوك الجيد اثناء النقاش، حاولي تهدئته، إما بنظرة أو تربيت ، أو حتى ارجاء النقاش لوقت أخر. أو إحضار كوب من الماء أو العصير لزوجك مع كلمات حانية ، رحم الله جدتي أتذكرها لليوم وهي تهدأ جدي بقولها له وهي تناوله كوب الماء :(اشرب يا أخويا بل ريئك مفيش حاجة تستاهل إنك تزعل ) كلمات بسيطة لكنهاكانت تذيب الجبال الجامدة وتطفىء نار الغضب في ثوان معدودة ومضت بينهما الحياة في حب واحترام وتنتهي مشاكلهم قبل أن تبدأ . عزيزتي الزوجة عندما تصبحين غاضبة بشدة، اصمتي صمتا تاما، وعبري عن غضبك بعينين عاتبتين، ثم ارحلي من المكان، اي اخرجي إلى غرفة أخرى لكن أبدا لا تتفوهي بكلمات تسيء إلى علاقتكما أو تفسد طبيعتك كأنثى،فلربما أخذت عليك كلمة لا تقصديها وتكون سببا في الطلاق بحجة كثيرا ما يرددها الأزواج بقول أحدهم : هي لا تحترمني ...وإذا جاء الزوج يقدم الاعتذار بأية طريقة يعرفها، ارض فورا ولا تبالغي في الزعل، فالزوجة الجميلة هي ذات القلب الجميل العطوف الذي لا يحتمل الخصام، وهذا الخلق يقدره الرجال جدا فنسمع دوما من يمدح زوجته يقول بداية ( زوجتي طيبة ولا تحب أن نبيت ونحن متخاصمين). إن كنت انت المخطئة والحق معه، سارعي للاعتذار، لكن بنفس الاسلوب الذي يعتذر هو به، قلديه في اعتذاره لأن هذا يجعله يتفهمك اكثر، وإياك ثم إياك استخدام سلاح منعه من معاشرتك كعقاب لغضبه، فربما ذابت ثلوج الغضب أمام حرارة قربه منك ، وهو أسلوب ومستوى من التحكم بالمشاعر يسمى المعالجة العكسية للخلافات الزوجية نجح الكثيرون في تطبيقه . اقرأي ايضا: قصة واقعية: تعساء حفاظا على المظهر الاجتماعي قصة واقعية: متزوجة منذ شهرين ومازلت بكرا