لقد جعل الله سبحانه وتعالى الزواج فطرة إنسانية وغريزة لا ينفك عنها أحد فلا يعقل أن يقضى الإنسان حياته بلا شريك حياة وبلا أسرة. فهذا أمر طبيعي أن تحب وتحب ويتحول هذا الحب لعلاقة شرعية بزواج مبارك يتبادل فيه الزوجان صنوف الحب والإحتواء والتداخل العاطفي والنفسي والجسدي. ثم يأتي بعد ذلك الأولاد لينشأ بوجودهم نوع جديد من المحبة والسعادة، تجعلنا نضحي من أجلهم وتسير الحياة على هذا النحو كطائر له جناحان الأول جناح الحب والتلاحم بين الزوجين والثاني التلاحم والحب بين الأبوين وبين الأبناء. ولا يستقيم الثاني ويترعرع إلا في ظلال النوع الأول وأي خلل في النوع الأول حتما سيؤثر على الجناح الثاني . ومسألة اليوم خلاصتها سؤال وجهته لي إحدي الزوجات اليوم بقولها : هل ينفع أن تستمر حياتي مع زوج ليس بيني وبينه أي تواصل عاطفي ولا جسدي منذ 5 سنوات بحجة أن بيننا 3 أبناء ؟ وكان حتما سؤالا صعبا جدا لكنه من خلال خبرتنا وملامسة واقع الحياة الأسرية بحلوها ومرها توصلنا لحقيقة مفادها : أن استمرار الحياة بهذا الشكل الانفصالي التام بين الزوجين من أجل وجود أولاد حياة محكوم عليها بالفشل والطلاق بأي وقت وعلى أتفه الأسباب. وربما عندما يكبر الزوجان في السن يأتي أحدهما ليطلب الطلاق ويقول : لقد كبر الأولاد وتزوجوا وأنا طول عمري تعبان أو تعبانة مع هذا الرجل وضيعت عمري والآن أريد أرتاح . وهذه قرارات من وجهة نظري خطأ فليس من مصلحة كل الأطراف من زوجين وأبناء وبنات أن تبقى النار تحت الرماد سنين طوال لأنها حتما ستشتعل وتحرق ثوب الأسرة . ثم أين مشاعر الطرفين ورغباتهما عندما يمكث كل منهما 5 سنوات لا معاشرة ولا علاقة زوجية ؟ هل نحن ملائكة معصومون ؟ هل فقدنا الإحساس ؟ أم هل سنبحث عن الحرام لإفراغ هذه المشاعر والرغبات الطبيعية ؟ لذلك أقول مجيبا على سؤال صاحبة المسألة : إن الطلاق في حالتك أفضل إذا لم تستجيبا للقرب لبعضكما وتقبل الأخر أما أن نقول : أهي عيشة والسلام وأهو كله عشان الأولاد ..كلها مشاعر زائفة لا تسمن ولا تغني من جوع وأي جو سيتربى فيه الأبناء بين أبوين وزوجين كل منهما لا يكلم الأخر، وكل منهما ينام في غرفة بمفرده هل هذا جو صحي أسري يصنع أجيالا ؟ لا أظن ذلك . فتربية الأطفال تحتاج لأبوين متألفين يكونان قدوة لأولادهما قدوة في الحب قدوة في التعاون قدوة في التراحم ساعتها سينشأ الأبناء ونفسياتهم أفضل .