أعزائي القراء، هل هناك ما يسمى فعلا بالكذب الأبيض والكذب الأسود بين الزوجين ؟ وما مقياس معرفة أن هذه كذبة سوداء او كذبة بيضاء ؟ وهل هناك في الدين ما يسمى بالكذب المباح بين الزوج وزوجته؟ في الواقع وبوضوح ومصداقية نابعة عن تجارب حياتية ومشاكل أسرية كثيرة وصلت للمحاكم نقول : الكذب كذب والصدق صدق ولا يوجد شيء اسمه كذبة سوداء وكذبة بيضاء. أو كما يقال كذبة صغيرة وكذبة كبيرة أو كذبة حلوة وكذبة مرة. كل هذه تقسيمات لا محل لها من الإعراب و إن أقررنا بها وسمحنا بها سوف تفتح أبواب من الخلافات الأسرية التي لن تنتهى لأنه ببساطة سيفسر كل طرف كذبته بأنها صغيرة أو كبيرة حسب هواه وطباعه هو وليس بمقياس الشرع والدين فطباع الناس متفاوتة ودرجة الخلق والدين متفاوتة كذلك. لذا نقول : الكذب هو الكذب صغر أم كبر وكله مر ولا شيء فيه حلو والكذب كله أسود ولا أبيض فيه والدليل على ذلك أن هناك مشاكل بالمحاكم وصلت للطلاق بسبب كذبة بسيطة وقعت. تلاها وساوس وشكوك من طرف لطرف أخر والشكوك زادت وتفاقمت حتى صارت مرضا دمر الأسرة والسبب أن الزوج تأخر مرة مثلا ولم يقل الحقيقة بأنه كان عند صديقه فلعب الشيطان بعقل زوجته وظلت تراقب حياته عامين حتى فاض وطفح الكيل فطلبت الطلاق أو هو طلقها. وهذا نموذج لزوجة كذبت عليه زوجته بأنها لا يتبقى من مصروف بيتها شيء شهريا وحين اكتشف الزوج عكس ذلك اتهمها بالسرقة والكذب والنهب وتدخل الأهل و طلقت الزوجة وكانت خطئها بسيط من وجهة نظرها لكن وجود الكذب هو سبب كل تلك المصائب . ويكفينا قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ). إن بعض الأزواج إن رأى كذبة بسيطة من زوجته عاش طوال العمر في شك في كل أقوالها وكذلك كثير من الزوجات كذب عليها زوجها مرة انتهت الثقة وزرع الشك في قلبها والسبب كذبة بيضاء كما يقال . ولكن رغم هذا أباح الشرع الكذب في ثلاثة أمور وهو النوع الوحيد المباح بل يؤجر عليه صاحبه إن فعله وهذه الأنواع الثلاث هي : 1- كذب الرجل للصلح بين متخاصمين : حين يقول لهذا بأن فلان مدحك و ذكرك بخير فلما فسامحه وصالحه و يأتي للأخر فيقول مثل ذلك والغرض تصفية النفوس وإصلاح ذات البين حتى ينتهي الشقاق بينهما ؟ 2- الحرب خدعة : حين يمسك أسير ويسأله الأعداء كم عندكم من رجال وسلاح وكذا وكذا ... فللرجل الحق هنا أن يكذب لأن في ذلك مصلحة وهي تضليل الأعداء وحماية بلاده. 3- كذب الرجل على زوجته بمدحها والثناء عليها وإن كانت لا تستحق ذلك وكذلك كذب الزوجة على زوجها بالمدح فيه وإن كان لا يستحق ذلك بنية تأليف القلوب و إحياء الحب والاحترام بينهما : كمن يقول لزوجته : إني أراك أجمل امرأة في الكون، وقد تكون هي متوسطة او قليلة الجمال . أو يقول لها : ما ألذ طعامك! وقد يكون الطعام متوسط أو هي ما زالت تتعلم الطبخ فهي عملية تشجيع لها و رفع من همتها . هذا هو الكذب المباح في الشرع . ونصيحة لكل زوجين ولكل خاطبين كونوا صرحاء ولا تكذبوا على بعضكم من البداية فكل شيء يغتفر إلا الكذب التسامح فيه صعب عند كثير من الناس، والكذاب مكسور العين دوما فلماذا تضع نفسك وتضعين نفسك في ذلك الموقف .جاء في الأثر ( إن كان الكذب ينجي فالصدق أنجى) .