أكدت الأكاديمية المهتمة بالعلوم الاجتماعية الدكتورة هالة الدوسري أن هناك نسبة كبيرة على مستوى العالم، وخصوصا في الدول النامية، يمثل فيها الرجل مصدر الدخل الوحيد للأسرة، مضيفة أن نسبة النساء العاملات في هذه الدول بلغت أقل من 50 في المائة، وربما لا تتجاوز 30 في المائة، ما يجعل المرأة تعتمد في هذه المجتمعات بشكل شبه كامل على الرجل، وأشارت إلى أن قانون الأحوال الشخصية في بعض هذه الدول يساهم بدور في العنف الذي يمارس ضد المرأة، بالإضافة إلى ضعف خياراتها في حال رغبت في التخلص من عنف زوجها، حيث لا تنال غالبا حضانة أطفالها وتتعقد أوضاعها في حال الطلاق، وذكرت أن المرأة تشكل الحلقة الأضعف لتفريغ حالات الغضب لدى بعض الأزواج، وأن العنف يمارس ضد المرأة في مختلف مراحلها العمرية. ولفتت خلال إلقائها محاضرة «العنف الجندري ومعالجاته» في ديوانية الدكتور نجيب الخنيزي الثقافية بمحافظة القطيف مؤخرا، إلى أن النظرة السلبية للمرأة المطلقة في مجتمعات هذه الدول يعزز الرجل المنفصل عن زوجته مما يمعن في تكريس أوضاع العنف التي تتعرض لها المرأة، وأبانت أن النساء في منطقة الشرق الأوسط هن الأقل دخلا من الناحية المادية، وهذا يعرضهن للعنف أكثر من غيرهن. وفي المقابل، هناك دول في العالم مثل بنجلاديش وإثيوبيا تتيح العمل للمرأة رغم الانتهاكات الملحوظة لحقوق النساء في هذه الدول، ما دعا الأمم المتحدة إلى تنويع البرامج الداعمة لحقوق المرأة وحمايتها من العنف بشتى أنواعه، وأوضحت الدوسري أنها أجرت بحوثا حول وضع المرأة السعودية ممن تعرضن للعنف، وكشفت النتائج عن أن كثيرا من النساء السعوديات يقبلن بتحمل العنف على خيار الانفصال عن الزوج، حتى لا تفقد أمورا كثيرة ما دامت مرتبطة بالزوج، من بينها حضانة الأبناء وعدم تشتتهم والمصروف المالي، وبينت الدوسري التي أنجزت مؤخرا مدونة تحمل عنوان «المرأة السعودية» أن الطفل حينما يرى والده يعتدي على والدته بالضرب أمامه في حال حصول خلاف بينهما، قد يكتسب هذه الصفة ويستخدمها ضد غيره، حيث تتولد لديه قناعة أن استخدام العنف والقوة هو الطريق الأمثل لحل المشكلات، عدا أن هذه الصفة تظل معه في المستقبل بعد أن يقترن بامرأة، وأفادت بأن أمراض الرجل النفسية وتناول المخدرات تعد من أبرز مسببات العنف الذي يمارس ضد المرأة، مضيفة أن المرأة القريبة من أهلها تكون أكثر حماية من العنف، كون الرجل يأخذ في الاعتبار هذا التواصل مع الأهل بالنسبة للمرأة، وخصوصا إذا كانت المرأة متعلمة وتعرف حقوقها، ورأت أن العنف يقع غالبا على النساء اللواتي يعشن بعيدا عن أسرهن إذا انتقلن من الريف إلى المدينة مثلا، وطالبت الدوسري بتعزيز القيم والتشريعات التي تصدرها الدولة للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة، وكشفت عن أن 54 في المائة من النساء تعرضن للعنف والضرب لأكثر من مرة من أزواجهن طبقا لدراسة أجريت على 200 امرأة فقط في مدينة جدة، مضيفة أن هناك نساء يوافقن على استخدام الضرب في حال عدم الطاعة للزوج وعمل شيء غير لائق، ولكن هذه نسبة لا تتجاوز 35 في المائة، وأن هناك نسبة تتجاوز 50 في المائة من الرجال يرون أحقيتهم بضرب الزوجة في حال عدم امتثالها للطاعة.