القراء الأعزاء، إن مسألة اليوم تنقش بحروف من ذهب. هي قصة الزوجة "صابرين" التي تصلح قصتها أن تدرس لبنات هذا الجيل، اللاتي لا يصبرن ولا يعرف أكثرهن أن حضانة وتربية الطفل أهم بكثير من رغباتنا و متعنا. إنها بناء إنسان وإعداد شخصيات وتصنيع قائد وعضو نافع بالمجتمع. تقول الزوجة صابرين التي بلغت من العمر 54 عاما: لقد هجرنى زوجي وهجر أولادنا الخمسة من أكثر من 24 عاما. لا ينفق علينا ولا يوفر لنا مصاريف التعليم أو العلاج وغيرها من متطلبات الحياة. وتحملت أنا كل العبء حتى كبر أولادي وصار منهم المدير العام والضابط والمحاسب والطبيبة والمدرسة. لقد سافر زوجى من 24 سنة وتزوج من بلده بشابة صغيرة وأنجب منها طفلين وتركنى كالمعلقة طول هذه المدة. ووالله ما أتذكر يوما أن طلبت منه الطلاق لا فى مكالمة تليفونية ولا من خلال أحد من الأقارب. قلت لها : وما السر في ذلك الصبر الجميل الذي ليس معه شكوى ؟ قالت لى : يكفى إنه ترك لي أولادي ولم يحرمني منهم. وهذا كان أملي فى الحياه أن احتضنهم وأرعاهم لآخر العمر وقد حدث. ومع هذا الهجر طول 24 سنة لم يزرنا فيها ولا يعرف شيء عن أولاده من كبر ومن مرض ومن تزوج. رغم ذلك كله عندما علمت أنه مرض ويحتاج إلى عملية ستجرى له فى بلد عربي أخذت ولدي الكبير وذهبت لازوره فى مشفاه فلم يعر لي بالا وظلت الأسقام تنخر فى عظامه، وأنا بجواره أنتظر منه كلمة سامحينى فلم يقلها حتى خرجت روحه. أتدرى يا سيدي ماذا صنعت عندما أراد القاضي أن يسلمنى نصيبي ونصيب أولادي فى الإرث. رفضت استلامة أنا وأولادي وتنازلت عنه ليس حبا فيه. وأنما لأجعل صبر هذه السنين خالصا لوجه الله الكريم ويكفيني أن أولادي قالوا لي بعد موته "نشهد الله أنك ما قصرت في أبينا رغم ظلمه لك وما قصرت فى تربيتنا والأنفاق علينا فنحن راضين عنك ونتمنى أن تكوني أنت راضيه عنا". فوالله أعزائي القراء لقد دمعت عينى وبكى فؤادي وقلت في نفسي هل ما زال بيننا مثل تلك النماذج للزوجة الصبورة والأم المخلصة ؟ وصدق من قال (الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق ).