أصبحت تطبيقات الأجهزة الجوالة من الضرورات اليومية التي لا يمكن الاستغناء عنها، نظراً لفائدتها الكبيرة في تسهيل مهام الحياة اليومية، حيث تعمل هذه البرامج الصغيرة على تحويل الهاتف الذكي أو الحاسب اللوحي إلى خريطة كبيرة أثناء التجول في المنطقة أو محطة للأرصاد الجوية أو مذكرة لتسجيل الملاحظات وتخزين العناوين، أو إلى شاشة سينما صغيرة يمكن وضعها في الجيب. وفي خضم هذه الوظائف الهائلة ينسى المستخدم أن الكثير من هذه التطبيقات تعتبر جواسيس لتعقب بياناته الشخصية ومعلوماته الهامة. وتتوافر معظم التطبيقات بشكل مجاني، وحتى التطبيقات المدفوعة لا تتعدى تكلفتها بضع سنتات، ولكن إذا كان المستخدم لا يدفع أية تكاليف نظير الاستفادة من وظائف التطبيقات، ما الذي يخسره إذن؟ ويجيب أندرياس لوبر، المحامي المتخصص في قوانين الإعلام بمدينة فرانكفورت الألمانية، على هذا السؤال قائلاً: "المستخدم يدفع بشكل جزئي من خلال بياناته". وأوضح لوبر أنه يتم تحليل هذه البيانات والمعلومات، حتى يمكن إظهار إعلانات ورسائل دعائية تناسب اهتمامات المستخدم، وتكسب الشركة المطورة للتطبيق بدورها من هذه الإعلانات. وأضاف الخبير الألماني قائلاً: "بالطبع قد تكون هذه الإعلانات لطيفة ومريحة بالنسبة للمستخدم، لأنها عندئذ تكون أكثر إثارة لاهتمامه واحتياجاته". صفحة شخصية ولكن الإعلانات في حد ذاتها لا تُمثل أية مشكلة على الإطلاق، حيث أوضحت زيمونا فينتز، مديرة قسم الملتيميديا بهيئة اختبار السلع والمنتجات بالعاصمة الألمانية برلين، قائلةً: "المشكلة تكمن في إنشاء صفحة شخصية للمستخدم، وتكون مجرد بداية فقط". وقد اكتشفت الهيئة الألمانية أن هناك العديد من التطبيقات تقوم بكل وضوح بإرسال أرقام تعريف الأجهزة (ID) إلى الشركات المطورة للتطبيقات. وعندئذ يمكن ربط هذه الأرقام مع المعلومات الأخرى الخاصة بالهاتف الذكي، وإلحاقها بمستخدم معين. وأضافت الخبيرة الألمانية المعنية بالدفاع عن حقوق المستهلك قائلةً: "يمكن للشركة المطورة للتطبيق في هذه الحالة معرفة نوعية التطبيقات المشغلة على الهاتف الذكي، والبلد الذي يتواجد فيه الجهاز وعمر المستخدم وجنسه". ولذلك تحذر فينتز من استعمال التطبيقات الطبية والصحية بصفة خاصة، لأنها قد تقوم بإرسال بيانات شخصية للغاية. كما تظهر المخاطر أيضاً عند استعمال تطبيقات التسوق أو الألعاب، نظراً لأنها تقوم برصد سلوكيات المستخدم أثناء الشراء أو اللعب، ثم تقوم بإرسالها إلى الشركات المطورة للتطبيقات. تدابير وقائية ولكن يمكن للمستخدم اتخاذ بعض الإجراءات والتدابير الوقائية. وأوضح شتيفن كنايست، مدير وكالة Melting Elements التي تقوم أيضاً بتطوير التطبيقات، أن هذه الإجراءات بسيطة للغاية، وتتمثل في أن يقوم المستخدم بإدخال البيانات الضرورية فقط، وأن تقتصر عملية تنزيل التطبيقات على المصادر الموثوقة فقط، التي تولي اهتماماً بالغاً بالخصوصية وحماية البيانات. ويتمكن المستخدم من خلال البحث على الإنترنت والإطلاع على تقييمات المستخدمين الآخرين تحديد مدى موثوقية التطبيقات المختلفة. علاوة على أنه ينبغي على المستخدم تنزيل التطبيقات من المصادر المعتمدة، مثل متاجر التطبيقات الرسمية التي تتبع الشركات المقدمة لأنظمة تشغيل الأجهزة الجوالة. وبشكل أساسي يتعين على المستخدم التحقق من وظائف التطبيقات. وأوضح الخبير الألماني كنايست قائلاً: "لا يجوز للتطبيق أن يستغل وظائف الهاتف إلا التي يحتاج إليها بالفعل للقيام بوظيفته". فمن الطبيعي أن يقوم تطبيق الملاحة بالاستعلام عن الموقع الحالي للهاتف والمستخدم، ولكن لا يجوز لتطبيقات وصفات الطهي الوصول إلى مثل هذه المعلومات. ويتحمل المستخدم أيضاً مسؤولية حماية بيانات الأشخاص الآخرين، إذا رغب التطبيق في الوصول إلى دليل العناوين، نظراً لأنه ليس من المستبعد قيام التطبيق بتمرير البيانات إلى أطراف أخرى. وتتيح أجهزة آبل بدءاً من نظام تشغيل آي أو إس 6 إمكانيات شاملة نسبياً للتحكم في التطبيقات، حيث يتمكن المستخدم في قائمة الإعدادات من تغيير حقوق الوصول لكل تطبيق على حدة من خلال بند الخصوصية وحماية البيانات. وعلى الرغم من أن الأذونات أكثر تفصيلاً في نظام غوغل أندرويد، إلا أنه يتم إظهارها قبل التثبيت، فضلاً عن أنه يمكن التحكم فيها في أي وقت عن طريق بند التطبيقات في قائمة الإعدادات "Settings/Apps". ولكن غالباً لا يتمكن المستخدم العادي من تقييم ما إذا كانت الأذونات ضرورية أم أنه قد يتم استغلالها بصورة سيئة فيما بعد.