يتداخل في مقهى "شتراوس" في مقاطعة كروزبيرج في برلين عالما الحياة والموت معا، ففي هذا المقهى الواقع داخل منطقة مقابر يجد رواده السكينة وراحة البال ويحتسون الشاي وسط الأموات. وهناك وسط المقابر يلتقي رواد المقهى النادلة جوانا هيلمبيرجر، التي ردت على سؤال وجهه لها بعض الزوار وقد ارتسمت الابتسامة على وجهها "لكن لم يدفن أحد هنا. أليس صحيحا؟"، في الواقع لقد دفنت جثث هنا. داخل هذا المقهى، وفي يوم بارد وممطر من أيام شهر نوفمبر يجلس مجموعة من المتقاعدين والأزواج في منتصف العمر كما تجلس امرأتان برفقتهما طفل وشاب يستخدم جهاز الكمبيوتر وكانوا جميعهم منهمكين في الدردشة وتجاذب أطراف الحديث رغم أن الأجواء لم تكن مبهجة. وتقول مجلة دير شبيجل الألمانية، إن مقاهي المقابر في برلين تكتسب شعبية متزايدة، ليس فقط للأشخاص الذين يبحثون عن السكينة واحتساء فنجان من القهوة بعد زيارة قبر عزيز، لكن أيضا للسياح الذين باتوا يترددون على هذه المقاهي أيضا. وأردفت المجلة تتحدث عن التواصل بين عالمي الموت والحياة ناسبة إلى مارتن شتراوس مدير المقهى وزوجته أوليج القول "لقد كان هناك بعض الناس، قليل من الناس، الذين كانوا منزعجين بشأن رقود أقاربهم في سلام، لكن المقهى أثبت أنه شعبي للغاية، إلى درجة أن بعض الزائرين يسألون بالفعل عن قبور تمكن رؤيتها من داخل المقهى". وقال أحد الزائرين في كتاب الزوار "المقهى يصنع اتصالا رائعا بين عالمي الموت والحياة". وترى السلطات الألمانية في المقاهي طريقة لجذب مزيد من الزوار إلى المقابر، لكن هناك قواعد لضمان احترام حرمة الموتى ومن ضمنها عدم إعلان هذه المقاهي عن وجودها في الشوارع خارج المقبرة، وأن تكون ساعات العمل متوافقة مع ساعات الزيارة المسموح بها في المقابر.