مما لاشك فيه دينا وشرعا أن بر الوالدين فريضة على كل منا وأمر إلهي وواجب شرعي ومن خالفه كان مرتكبا بكبيرة من الكبائر قال تعالى : ( وبالوالدين إحسانا). إذن فعقوق الوالدين حرام ، لكن هل سمعتم عن عقوق الآباء للأبناء والبنات ؟ هل سمعتم عن آباء نزعت من قلوبهم الرحمة ؟صحيح أنهم بمجتمعاتنا قليلون لكنهم مع الأسف موجودين. حالة اليوم ضحية لأحد هذه النماذج فهى امرأة بلغت من العمر 38 عاما كانت زوجة وأما لطفلة بلغ عمرها اليوم 11 عاما. حرمت تلك الطفلة من العيش مع والديها (سميرة) و(راشد) بسبب الطلاق الذي وقع من 5 سنوات. والسبب فيه هو تدخلات والد الزوجة و سوء معاملته مع الجميع. واتضح في النهاية أن هذا الأب كان يتمنى أن تجلس ابنته سميرة في بيته لتنفق عليه وعلى إخوتها كما تعودوا من سنوات فكا اختلاق المشاكل لتطلق على حد قول (سميرة) واستمر مسلسل الاستغلال لدرجة أن سميرة تقول : راتبي يأخذه والدي ببطاقة البنك شهريا ليعطيني مصروفا فقط يحجر على في الخروج والدخول يسيء معاملتي. ويشك في هذا السن ولا أحد تقدم لي بعد طلاقي لسوء معاملة أبي. وتضيف: كل ذلك وأكثر وصبرت وتحملت وقلت في النهاية هو أبي وأنا لا أملك حتى مناقشته ولا إبداء أي رأي وأنا اليوم أرى ابنتي تتربى مع زوجة أبيها من خمس سنوات. و لا أراها إلا ساعة في الأسبوع خارج بيت والدي الذي أعيش فيه؟ فقلت : لماذا لم تأخذي ابنتك في حضانتك ؟ قالت سميرة : رفض أبي وبشدة وأهانني وصب العذاب علي صباً وهددني أن يفضحني ويخرجني من عملي إن أدخلت ابنته التي هي حفيدته إلى البيت. قلت : وما ذنب الطفلة ؟ قالت : أبي متسلط وهو لا يريد أن تتمتع ابنتي بأي جزء من راتبي ووصل الحال أنه يكره حفيدته لا يسأل عنها ولا يهمه بالمرة أمرها. وهذا كله وصبرت لكنني اليوم تفاجأت بمدرسة ابنتي يتصلون بي سرا ليخبروني أن الطفلة رأوا عليها آثار ضرب وتعذيب جسدي أكثر من مرة. وعرفت المدرسة أن من يقوم بضربها بهذه الوحشية هي زوجة أبيها. والطفلة تخفي عن أمها كل ما يحدث لها خوفا من بطش أيها بها وخوفا من زوجة أبيها أن تؤذيها أكثر. وهنا حاولت أن أفاتح والدي (جد الطفلة ميرام) أن أحضر ابنتي عندي ببيت جدها تعيش معي وأنا سأنفق عليها فما سمعت من والدي إلا السب واللعن. وقال : احنا ما نربي بنات غيرنا قلت له : إنها تعذب بالضرب قال : أبوها يتصرف لا يخصني فيها فانهرت بالبكاء فقام وضربني على وجهي. قلت لها: ضربك في هذا السن ؟ قالت : أبي قبل زواجي يعاملني هكذا ويعامل بقية إخوتي ما عدا واحد مدلل. وبعد زواجي وبعد طلاقي هو هو بضربه وإهاناته لي وهو السبب في طلاقي ومآساتي التي أعيشها. لكن ابنتي اليوم تستنجد بي لتعيش معي ووالدها نفسه أحس فيه الرغبة ليعطيني حضانتها لأني لم أتزوج حتى اليوم. وواضح أن لديه مشاكل مع زوجته بسبب وجود البنت معهم بسبب فشل حملها عدة مرات. وكأنها تعاقب ابنتي طوال 5 سنوات لأنها لم ترزق بالحمل. لست أدري ولا أعرف ماذا أصنع ؟ لقد كرهت أبي الذي حرمني من زواجي واليوم حرمني من ابنتي وحضانتها وإنقاذها من زوجة أبيها . الجواب: من الواضح جدا أنكم عشتم كأسرة تفهمون البر للوالدين خطأ فالبر حب وتراحم من الكبير للصغير. وتقدير واعتزاز من الصغير للكبير. لكن ما حدث أن طريقة تعامل الوالد معكم أضعفت شخصياتكم لدرجة أنك وصلت لسن 37 سنة وما زال يضربك ويقسو عليك ويعاملك كطفلة. وهذا نقص في فهم معنى الأبوة و اضطراب في موازين الأسرة. بالإضافة للقسوة العجيبة منه كجد للطفلة. فالجد معروف أنه عنوان الرحمة للحفيد والحفيدة. وكما يقال ( أغلى الولد ولد الولد ) وإن يكره أباها الذي هو طليقك وإن كان يقسو عليك في المعاملة فلا ذنب لحفيدته، خاصة أنها تتعرض لضرب وقسوة من طرف زوجة أبيها. لذلك أرى الحل أن تعرضي على الوالد مرة أخرى أن تأتي بابنتك لتعيش معك فإن رفض فخذي لك بيتا مستقلا، طالما أنك تعملين وتقدرين على الانفاق عليها واطلبي من والدها أن ينفق عليها ويشاركك في ذلك .سواء بالسكن أو بتوفير التعليم والطعام والشراب والملبس وهذا ليس فيه أي نوع من عدم البر. فلا ذنب لابنتك أن تدمر حياتها كطفلة بسبب تعنت جدها ولا يمنع الأمر من زيارة والديك والبر بهما والانفاق عليهما من راتبك. فذاك من الفرائض الشرعية طالما أنهما يحتاجان لمساعدتك ووازني بين كل المصروفات واحتضني ابنتك، لأنه كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته وما دام والد المحضونة مرحب بتسليمها لك مع احتفاظه بحق رؤيتها ومتابعتها فلا حرج وهذا هو الحل الذي يحتاج منك لشجاعة ووقفة جادة من أجل ابنتك التي توشك أن تضيع والكل محاسب عنها.