قال أبو العتاهية: "ألا ليت الشبابَ يعودُ يوماً، فأخبرهُ بما فعل المشيبُ". ولو كان في زمننا هذا، لغيّر هذا البيت وكتب: ألا ليت الأخلاق تعود يوماً فأخبرها عن حال شبابنا. نسمع دوماً بالتحرش الجنسي في دول العالم وتكون ردة فعلنا الحمد لله على نعمة الإسلام، فهذه الأحداث لا تقع عندنا. نحن متمسكّون بالكتاب والسنة، وأخلاق المسلم تجعله يحرص على حفظ أعراض بنات المسلمين. للأسف، فإنّ هذه الأخلاق بدأت تندثر وأصبحنا لا نستغرب سماع قصص تشيب لها الولدان. لكن لم يكن هناك دليل ملموس على هذه القصص. فالشخص العاقل يستغرب أن تحصل هذه الأمور في بلدنا، إلى أن خرج علينا فيديو قبل أيام يظهر شباناً سعوديين يتحرشون بفتيات عندما خرجنَ من أحد المولات. وكانت تلقى على مسامع الفتيات عبارات من أقذر وأقبح ما سمعت، وتحاول الفتيات بشتى الطرق الخروج من هذا السيل الجارف من الشبان الذين تجمعوا حولهنّ. أعدت الفيديو مرةً تلو مرة، فقلت ربما هناك تلاعب بالفيديو لأنني لم أصدق أنّ ما سمعته وشاهدته يخرج من شبابنا وأنّهم يمكن أن يكونوا بهذا المستوى الأخلاقي. لكن للأسف الشديد، فهذه الحادثة وقعت، وما زاد جرحي أنّه لا يوجد رجل دبّت فيه الغيرة والحمية على هؤلاء الفتيات المسلمات ووضع حداً لهذه المهزلة. لقد اكتفى الجميع بإطلاق الضحكات والاستهزاء. لكي لا يتم التعميم، هناك شبان ما زالون يتصفون بصفات المسلمين، فأطلقوا "هاشتاغ" على تويتر #تحرش_شباب_بفتيات_بالشرقية وطالب عدد كبير بأن تكون هناك حملة وطنية للقضاء على التحرش شاركت فيها أطياف المجتمع من شباب وفتيات ورجال دين وكتاب ومثقفين سعوديين، فالجميع يستنكر هذه الحادثة. ألا يعلم من تحرّش بهن أنّ له محارم ربما يتعرّضن يوماً ما لهذا الموقف البشع؟ ماذا ستكون ردة فعله؟ كيف يرضاها لبنات الناس ويحرمها على أهل بيته؟ كانت الكلمات في الفيديو سماً على مسامعنا، فما بالك على مسامع الفتيات؟ كيف يجرّدهن من شرفهن بهذه الطريقة؟ على كل رجل شريف أن يحارب هذه الظاهرة، وفي باله قصة المرأة التي صاحت في أحد الأسواق "وامعتصماه" بعدما تحرّش بها أحد جنود الروم بأن أمسك بطرف جلبابها، فسمع استغاثتها أحد الرجال ونقلها للمعتصم الذي أعدّ جيشاً لغزو الروم. لكنّ أملي كبير جداً بالله ثم برجل الأمن الأول وزير الداخلية سمو الأمير محمد بن نايف بأن ينتصر لهؤلاء الفتيات، وينال من أساء لهن جزاءه ويكون عبرةً لغيره.