قرأنا كثيرا عن الطلاق والخلافات الأسرية دون أن يلخص لنا أحدا أهم أسباب تلك الظاهرة المتزايدة بالدول العربية خاصة الخليجية منها. وهذا المقال هو نتاج خبراتي بقضايا الأسرة، وهو عبارة عن تقرير يرشدنا لأهم أسباب الطلاق بكل صوره وأشكاله. وإنني لن أتطرق في تقريري هذا لسرد الأسباب السطحية التي ملئت بها الكتب والمقالات، و رددها كل محاضر حول اسباب الطلاق كمن يدعي أنه العنف الأسري تارة والخيانة تارة وقلة النفقة تارة. لا بل إنني من خلال خبراتي أعتبر هذه آثارا لأسباب أصيلة دفينة أدت للخيانة وأدت للعنف، فصار العنف والخيانة سببا فرعيا أو أثرا لمشكلة أعمق أدت هي للطلاق. ولكن السبب الرئيس غير ذلك وسأرد بعض تلك الأسباب من خلال 100 قضية طلاق بالمتوسط تعرض عليَّ شهريا كمستشار أسري بإدارة التوجيه الأسري في دائرة قضاء أبو ظبي. 1- عمل المرأة حيث نلاحظ تساهل كثير من النساء في اختيار الطلاق وترك الحياة الزوجية ولا أنها تترك وظيفتها، وتراهن كثيرات على ذلك وبكل بساطة وتحدٍ. 2- بعض مواد قانون الأحوال الشخصية التي تحتاج لإعادة نظر فكثير منهن تطلب الطلاق ولو كانت الأسباب تافهة مثل رغبتها في سكن مستقل، فتطلب الطلاق لأن المحامون أخبروها أن القانون يعطيك كذا وكذا وأكثر مما تأخذين وأنت زوجة وخاصة السكن المستقل . 3- تداخل الثقافات والجنسيات لقد وقعت حالات طلاق كثيرة بسبب الزواج بجنسية أخرى وثقافة أخرى جاءت على هوى الزوج سواء من ناحية العلاقة الخاصة أو أنها لم تكلفه الكثير من المادة أو أنها تتلطف معه أكثر من زوجته المواطنة فالثقافات لعبت دورا كبيرا في قلب موازين حياة الأسرة الخليجية. 4- الوازع الديني لمن أخطر أسباب الانفصال ضعف الدين وعدم وجود مصادر تلقٍ كافية لتوعية الشباب والبنات، فغرس التقوى والدين هو الحامي الأول للأسرة وإلا فعلى المجتمع السلام . 5- قلة الخبرة بأهمية الزواج وخطورة الطلاق والسبب عدم قيام الآباء والأمهات بدور التوعية إلا بعد زواج أولادهم وحدوث المشاكل ، وهذا من أهم أسباب الطلاق المبكر . 6- التحيز الأعمى من الأهل لابنهم أو ابنتهم المتزوجة فميزان العدل يختفى عند التحيز للولد أو البنت المتزوجة وتزيد الطينة بلة ويقع الطلاق بل ويعتبر البعض وقوعه برا للوالدين وارضاءاً لهما . 7- اكثر حالات الطلاق مع العاملين بالوظائف العسكرية والشرطية ولذا تحتاج تلك القطاعات لتوعية داخلية وندوات ومؤتمرات لأنهما أكبر قطاعين يقع فيهما الطلاق وتعدد الزواج ثم تكرار الطلاق وغيرها من المشاكل الأسرية . 8- عدم التكافوء سواء في السن أو التعليم أو النسب أو الراتب أوالوظيفة أو الشكل . وكلها تحدث فجوات على المدى البعيد . 9- غلاء المعيشة يؤدي لخروج الطرفين للعمل فتزداد الفجوة و يصبح لكل عالمه، والخادمة تربي، ويصير الأبوان فقط ماكينة ضخ أموال للأسرة وامام أقل هزة يقع الطلاق لعدم التواصل أو التلاقي أو الحوار 10- وقوع بعض الحالات تحت تأثير المرض النفسي أو الأسحار فالحالة النفسية كالوسواس في الطرف الآخر تنتهي بالطلاق والسحر وارد ذكره في القرآن قال تعالى : (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ? وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ? وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ ? وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ? وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ? لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (102)- سورة البقرة 11- البيئة التي خرج منها أحد الزوجين فلو كانت بيئة تعنف المرأة رأيت الرجل يفعل ذلك مع زوجته وأولاده وكذلك البخل وكذلك الإهمال العاطفي . 12- الروتينية في الحياة الزوجية مما يؤدي للمل والفتور العاطفي والبحث عن الصديقات أو الأصدقاء ثم الخيانات ثم الطلاق. 13- الكبر أو التنازلات اللامحدودة فالاثنين أخطر من بعضهما فالكبر يجعل شريك الحياة لا يستمع إلا لكبره، ويريدها عبده فتؤدي تلك الأوضاع لخلل أسري مصيره الطلاق. وكذلك التنازلات الزائدة، كمن تسامح في ضرب زوجها لها وسب أهلها مرات ومرات لن تتحمل كثيرا و سوف ينفجر البركان يوما ما . 14 – ضعف الثقافة الجنسية عند أحد الأطراف فلا هو أو هي أو كلاهما درساها نفسيا ولا دينيا وإن وجدت خبرة فمأخوذة من الأفلام الإباحية والتي تؤدي لطلب الزوج للعلاقة المحرمة كما رآها في الأفلام فتأتي الزوجة تطلب الطلاق ويحق لها ذلك . 15- الاستخدام السئ لوسائل التقنية الحديثة كالبلاك بيري والانترنت والفيس بوك وتويتر ونظرا للجوع التكنولوجي لدي البعض صار استخدامها سببا في التعارف والتواصل غير الشرعي ثم اكتشاف الطرف الأخر ثم وقوع الطلاق . هذا مبلغ علمي وما توفيقي إلا بالله