بين الفينة والأخرى، يضجّ الشارع السعودي بقضية ويلقي جميع الأحرف العربية التي يعرفها. وإن لم تكفِ، قد يستعين بحروف اللغات الأخرى كي يقول إنه هنا يستطيع أن يكون عنصراً فعّالاً في المجتمع. كنتُ أشاهد هذا الهجوم العنيف على الإعلامية هبة جمال وأتساءل: ما هو شعورها بعد الكم الهائل من التغريدات؟ وما هو شعور زوجها؟ رحت أتابع "الهاشتاغ" بصدمة، إذ شاهدت بعض النشطاء يقومون بـ "هاشتاغ" يشيدون فيه بإعلاميات سعوديات غير محجّبات، فقلت ما الذي يفرقهنّ عن هبة جمال؟ لو أطلّت علينا من دون حجاب منذ بدايتها الإعلامية، لكان أشير إليها بالبنان. لن أتحدّث عن الحجاب من منظور شرعي، فهناك مَن هو أقدر مني على هذه المسائل، لكنّي سوف أتحدث عنه من باب الحرية الشخصية، فكل شخص سوف يحاسب على عمله. انقسم المغرّدون في "الهاشتاغ" إلى ثلاثة أقسام. قسم ناصح لهبة جمال من القلب، وكان كلامه يدلّ عن حبّ، لكن غاب عن باله أنّ النصيحة أمام الناس فضيحة. أما القسم الثاني فيتغنّى بالليبرالية دوماً، لكن عندما يتعلّق الأمر بشخص بسعودي، يستشيط غضباً ويركل ليبراليته التي كان يتغنّى بها لينتقي منها ما يوافق أهواءه. وأخيراً، هناك القسم الذي جعل من قضية الاعلامية هبة جمال تصفية حسابات لأنّ زوجها الإعلامي ناصر الصرامي ذو كتابات لا توافق أهواءه. وهؤلاء هم الكثرة. لم يهتموا بالحجاب وخلعه بقدر اهتمامهم بما يكتبه الصرامي وأصبحوا يتهجمون عليه. وما زاد غضبهم أنّ ناصر الصرامي غرّد بـ "هاشتاغ" #هبة _جمال_تخلع_الحجاب وأرفقه بصورة لزوجته وكتب أنّه يفخر بها كثيراً وبارك لها برنامجها الجديد. اعتبر الممتعضون أنّ الصرامي يتحدّاهم واتهموه أنّه هو الذي يستخدم حسابها للتغريد وأطلقوا "هاشتاغ" #الصرامي_ينتحل_شخصية_هبة. وهنا تيقنت أنّ الحملة ليست على حجاب هبة بقدر ما هي تصفية حسابات! لم أركب الموجة التي ركبها كثيرون للأسف، بل حاولت التأني في كتابة هذا المقال كي أرى القضية من كل الزوايا لأنّ هناك تناقضات كثيرة. لو كان الهدف هو الحجاب، لكانوا أقحموا أسماء جميع الاعلاميات السعوديات غير المحجّبات. أنا متيقن بأنّ هناك حملة جديدة، ولكنّني لا أعلم هوية الضحية المقبلة. لقد أصبحنا نهوى الهجوم على الآخرين ونكره أن يتهجّم علينا أحد. رغم كل شيء، فأنا متفائل دوماً بأنّ الآتي أجمل بإذن الله.