أعزائي القراء السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مسألة اليوم ليست لزوجة أو زوج، إنما هي لفتاة ما زالت في مرحلة الخطوبة تتلخص مشكلتها في وجود اختلافات كثيرة وفوراق بينها وبين خطيبها. تقول صباح: لقد وصل عمري لـ26 سنة، وهذا السن في نظر عائلتي هو سن اليأس من الزواج. لأنه لم يتقدم لي الكثير ولا أدري ما السبب فأنا متعلمة تعليم عال مثقفة محتشمة وملتزمة وأسرتي ذات مركز اجتماعي كبير ومستوانا المادي عال وأملك شقة ستكون عش الزوجية، وعندي دخلي الخاص بي. وعندما تقدم لي حسن وهو من الأقارب، لم أكن أعرفه فرفضت بالبداية ولكن تحت ضغط الأهل قبلت الخطوبة فقط للتعرف عليه. وياليتني ما قبلت صحيح أنه هاديء الطبع وعنده شيء من التدين، لكنه يختلف عني في الفكر والطموح و الطباع والثقافة والنسب والمادة. وهو يعرف أنني أملك شقة ولدى دخل مما يشعرني بأنه يطمع في ذلك، ولا يطمع في شخصي. حتى الجلسات كلامه معي فيها قليل وهي ردود على أسئلتي التي هي من جانب واحد، لذلك رفضت الاستمرار لكنه عاد بعد 7 أشهر ووعدني بالتغير. ووافقت بعد ضغوط جديدة من الأهل ولم أستطعِ الصمودَ أمامهم، وتمت الخِطْبة مرة أخرى وبعد مرور أشهرٍ على الخِطْبة اكتشفتُ المزيد مِن الاختلافات في التديُّن، والفِكر، والطُّموح، والطِّباع؛ كما أنه يتقبل أي شيء أقوله، ولا يحاول أن يسألني عن شخصيتي، وطريقة تفكيري، نفس الوضع في الخطوبة الأولى عندما أُفَكِّر في الأمر أبكي مِن شدَّة الحزن والأسى؛ لما وصل إليه حالي في المرة الثانية حيث إنني مُطالَبة بتقديمِ كل هذه التنازُلات، وأكون أقل ممن حولي مِن أخواتي وصديقاتي وأهلي، دون مقابل ملموس، وقد صارحني سابقا بأن من أسباب اختياره لي امتلاكي لشقة لأنه فقير كما أنني لم أحس فيه نزعة الغيرة؛ لا أعلم هل لو قبلتُ هذا الزواج، وتنازلتُ كل هذه التنازلات؛ ستكون حياتنا في المستقبل مستقيمة وسعيدة بوجود هذه الختلافات أم لا؟ فهل لو أنهيت هذه الخطوبة للمرة الثانية يعني ذلك أنني أتكبَّر على النعمة؛ كما تقول لي أمي؟ ولا أعلم على ماذا أتكبَّر؛ فلم أجدْ فيه مميزات إلا واحدة كما ذكرتُ، فهل هذا مبرر للقبول؟ مع العلم أنني صليتُ صلاة الاستخارة كثيرًا قبل وبعد الخِطْبة؛ وفي البداية كنتُ أشعر بعدم الارتياح، وأهلي دوما في رفضي له يُعارضونني ويتعصَّبون عليَّ. ويقولون لي: أنت قليلة الخبرة، وأنهم أعلم مني بهذه الأمور، وأنني أتكبر على الرزقِ الذي بعثه الله لي، وأن هذا هو نصيبي؛ فيجب أن أرضى به فما الحل يا سيدي لأني أريد حلا بحيادية ؟ الجواب لن أقول لك يا صباح تسرعي في الرفض لكنني بعد طول خبرة بهذا المجال أنصحك بألا تكملي ذلك المشوار، إلا عندما تكون مقتنعة بخطيبك ولو بنسبة خمسين بالمائة مما تنتظريه من شريك الحياة. لكن هذا القلق الذي انت فيه والتردد وعدم الاقتناع والفروقات الاجتماعية الكثير لن تبني لك سعادة، وشعورك بطمعه في مالك وشقتك قد يكون صحيحا أو كاذبا، لأن الفقر ليس عيبا وأكبر مثال على ذلك زواج السيدة خديجة من الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم رغم غناها ورغم فقره هو. لذلك أعط لنفسك فرصة تشكليه من الآن وتدفعيه للدراسة مثلا، للقراءة، للتدين أكثر، للعمل والكسب ولو وجدته قابل للطموح والتجدد والارتقاء، يكون ذلك تغيرا يستحق منك الموافقة. هذا ما أراه أفضا الحلول لا تتسرعي بالموافقة على الزواج ولا تتسرعي بالرفض، فلعله خير لك دون أن تشعري. أما شقتك ومالك فحافظي عليه واشترطي عليه ان النفقة عليه، وأنك لو ساعدته فذاك تفضلا وليس فرضا. ثم اختبري غيرته عليك وعلميه أن الله يغار. إن نفع فيه تعليمك فكلها صفات قابلة للاكتساب و التدرب قال النبي "إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم ) وبعد فترة سوف يريك الله الطريق الصحيح للاستمرار من عدمه، فالزواج مصير لا يجب ان يبني على أعمدة هشة وضعيفة من البداية .