القنوات الاخبارية في الوطن العربي حديثة العهد. أول نشرة إخبارية تخرج عن النمط الحكومي كانت في أوائل التسعينات عندما أطلقت مجموعة mbc نشرتها الإخبارية التي كانت محط أنظار الجميع لأنّها أصبحت تنقل لهم ما يدور في العالم، وهذا ما لم يعتده المشاهد في القنوات الحكومية. لكنّ mbc لم تكن متخصّصة في الأخبار، بل قناة منوعة. شُغف المشاهد العربي لمعرفة ما يدور في العالم تلقّفته حكومة قطر، فأطلقت قناة الجزيرة الإخبارية عام 1996. في بدايتها، كانت المحطة أشبه بوكالة للأنباء العربية وتطورت شيئاً فشيئاً الى أن دخلت كل بيت وأصبحت منبراً للمشاهد العربي. ولأنّها القناة الإخبارية الوحيدة، أصبحت تبثّ ما تريد وتحجب ما تريد. تدريجاً، اكتشفنا أنّ القناة التي رفعت شعار "الرأي والرأي الآخر"، لم تكن كذلك في الواقع، بل كانت تخدم مصالح الدولة القطرية في الدرجة الأولى. وما كان من مجموعة mbc الا أن حاولت أن تجعل لها منبراً منافساً لـ "الجزيرة"، فأطلقت "العربية" عام 2003، لكنّها لم تستطع أن تسحب البساط من "الجزيرة" في بداية بثها لأنّنا نحن العرب لا نرى الا بعين واحدة. لكن مهنيّة "العربية" واحترافها وصبر القائمين عليها عوامل أهّلت المحطة لكسب شريحة كبيرة من المشاهدين وأصبحت تنافس "الجزيرة"، واكتسبت ثقة المشاهد.   وفي بداية ما يسمّى بالربيع العربي، كان المشاهد مشوشاً لا يعرف مَن يصدق، فلعبة الإعلام لا يفهمها الا من تمرّس فيها، وكان يريد قناة محايدة تعرض الحقيقة بكل حياد وتجرد، فكان انطلاق قناة الحياد والاعتدال "سكاي نيوز عربية" لكي تكون الفيصل في ما كان يطرح في الاعلام.   وضعت المحطة لها خطاً ونهجاً جديداً تحت شعار "أفق جديد". وفعلاً، لها من شعارها نصيب، فالمتابع للقناة يعلم مدى حرص مؤسسة "ابوظبي للإعلام" على تحرّي الدقة في كل شيء حتى ولو كانت تعارض بعض التوجهات، فالكلمة أمانة حتى لو كانت ضد توجهات القائمين عليها.   ابتعدت "سكاي نيوز عربية" عن تغليب وجهة نظر سياسية على أخرى، فاستقطبت الكوادر الاعلامية للإرتقاء بالقناة. ورغم أنّ كثيرين كانوا يشككون في قدرة المحطة على منافسة "الجزيرة" و"العربية"، الا أنّها استطاعت حجز مكانة لها في الفضاء العربي عبر انتهاج مسار جديد، واشتركت مع "العربية" في مقاربة الأحداث في مصر، وأصبح المشاهد يعلم ويرى أجندة "الجزيرة".   ولم تكتف "سكاي نيوز عربية" بالشاشة الفضية، بل عقدت اتفاقاً مع شركة "روتانا" لبثّ نشرتها الاخبارية عن طريق راديو "روتانا" لجميع المستمعين في السعودية وحرصت على نقل المعلومة للمستمعين. وأنا كمشاهد قبل أن أكون كاتباً، لسان حالي يقول الآن إنّ "سكاي نيوز عربية" قمة في الاعتدال والحيادية.