أنفاق المترو قيد الإنشاء في الرياض مؤشر كبير على تغير اجتماعي قادم. إنها ليست مجرد وسيلة تنقلات عامة، ولكنها وسيلة لإحياء الحياة العامة والاجتماعية خارج المنازل. كما أنها وسيلة تنقلات قد تمنح المرأة مزيدا من حرية الحركة. مجلة "شبيغل " الألمانية خصصت، في عددها الأخير، موضوعا حول معنى إنشاء المترو في الرياض بالمملكة العربية السعودية، حمل الموضوع عنوان "تنقل المرأة..مترو الرياض وعد بالتغير الاجتماعي". رئيس سلطة التنمية في الرياض المهندس ابراهيم سلطان صرح للمجلة أنه يريد تدارك الأخطاء التخطيطية التي أدت إلى اختفاء الحياة العامة ليس فقط في الرياض ولكن في الممكلة ككل، بحسب "شبيغل". وفي سبيل تحقيق هذا وضعت خطة كبيرة لتخطيط المدينة، ومن أهم بنودها إنشاء المترو الجاري حاليا. يقع مكتب سلطان في مبنى ذو طابع تاريخي وسط العاصمة، وعلى خريطة خطة الرياض الجديدة، المعلقة على الجدار، تنعكس أشعة الشمس التي تدخل عبر النافذة المثلثة. في الخطة قطارات الأنفاق ستأخذ الطلبة إلى جامعة الملك سعود، مثلما ستنقل رجال الأعمال من المطار إلى مركز المدينة، لتصبح الرياض كأي واحدة من العواصم العالمية الكبرى. المحطة المركزية لمدينة المستقبل، والتي صممتها المهندسة المعمارية بل الفنانة العالمية زها حديد، ستتألق باللون الذهبي والرخام مع مكيفات ومبردات خارج المحطة تحمي الناس من شدة الحر. سيكون هناك ستة خطوط للمترو فوق وتحت الأرض، تتوزع في المدينة على شكل شبكة عنكبوت لتغطي 176 كيلومترا. وبحسب الخطة المقررة فإن بناء الخطوط كلها سيتم بالتزامن بحيث تنتهي كلها في وقت واحد. ويعد هذا المشروع أكبر مشروع مترو في العالم بكلفة تصل إلى 23 بليون دولار، أي مايقدر بثلث ميزانية وزارة الدفاع تقريبا في المملكة. كما يضم المشروع كفاءات من المهندسين الألمان، الذين يقومون ببناء خطين من خطوط المترو، أحدهما سيمتد من المطار حتى المحطة المركزية الذهبية وصولا إلى الحزام الأخضر الذي سيزنر الرياض قريبا. وقريبا، في حالة مشروع بهذا الضخامة، تعني نهاية العام 2019 بحسب الخطة. الرياض بحاجة ماسة لخطوط مترو، فالمواطنون في المدينة يقضون ساعتين تقريبا في المواصلات يوميا بسبب ازدحام المدينة وحجمها. ويبلغ معدل سرعة القيادة في الساعة 27 كيلومترا. ونظرا لهذه الظروف قلما يبدأ أي عمل في وقته أو اجتماع في حينه بسبب الازدحام، لذلك من المفترض أن يحل المترو هذه المشكلة وبالتالي يزيد من تنظيم الأعمال والانتاجية. ميزة أخرى قد تكون مفيدة للمترو هي المساعدة في تحسين صحة المقيمين في المدينة، فالإحصاءات تقول إن سعودياً من كل ثلاثة سعوديين يعاني من البدانة. كما أن هناك نسبة عالية لانتشار مرض السكري بسبب قلة الحركة، بل إنها واحدة من أعلى النسب في العالم. يعتقد ابراهيم سلطان، بحسب شبيغل، إن التخطيط المدني قد فشل تماما في المملكة خلال الخمسين عاما الماضية، فقد كان الناس في السابق يمشون لسوق الحراج لتناول فنجان قهوة تركية، ولكن هذه الأيام تتواصل الناس فقط على الموبايل وتتحرك بالسيارة. نادرا مايمارسون الرياضة، وتكاد شوراع المدينة تخلو من المشاة معظم الوقت بينما الساحات العامة مقفرة. بالإضافة إلى هذه الظروف، يقضي السعوديون معظم وقتهم هاربين من الحر في السيارات المكيفة والبيوت ومراكز التسوق ، وقد أضرّ هذا كثيرا بالصحة العامة والحياة العامة أيضا. وبالطريقة التي صمم بها المترو الجديد سيتم تطوير شروط الحركة والتنقل داخل المدينة وبالتالي تطور الحياة الاجتماعية فيها ودفعها إلى التغيير. وإن كانت المرأة السعودية لم تستطع حتى الآن الحصول على رخصة قيادة السيارات، فقد تمنحها التنقلات العامة بالمترو حرية أكبر في الحركة وبسهولة وسرعة وأمان ومن دون مرافقين، فمقصورات المترو المخصصة للنساء منفصلة عن الرجال، وذلك لتشجيع الناس على الإقبال عليها واستخدامها بلا محاذير أو مخاوف. ولكن التطور لن يتوقف هنا، كما يقول ابراهيم سلطان لشبيغل، فقد يأتي يوم تكون هناك فيه عربات مختلطة للرجال والنساء. ولكن التغير يأخذ وقتا أطول من بناء شبكة مترو. لقراءة الموضوع كاملا بالانجليزية إضغطي هنا