تزخر العاصمة البريطانية لندن بالعديد من الأماكن التاريخية والمزارات السياحية التي يصطف أمامها طوابير طويلة من السياح كل يوم. ويعتبر متحف شرلوك هولمز واحداً من هذه الأماكن السياحية الشهيرة والذي يقصده السياح للتحقق مما إذا كانت شخصية هولمز حقيقية أم خيالية. وفي الطابور الطويل الممتد أمام باب متحف شرلوك هولمز يسأل أحد الفتيان أبوه قائلاً :"هل مات شرلوك هولمز في هذا المنزل أيضاً". ولكن الأب يجيبه قائلاً :"لقد عاش في هذا المنزل، لكنني لا أعرف ما إذا كان توفي في هذا المنزل أم لا". وقد تم طرح هذا السؤال لاستبيان عام خلال عام 2010، وأظهرت النتيجة أن 60% من البريطانيين مقتنعون بأن شرلوك هولمز شخصية حقيقية وليست خيالية. بل إن هناك كثيرٌ من الأشخاص يعتقدون أنه لا يزال على قيد الحياة، حيث يتلقى المتحف كل أسبوع حوالي 70 خطاباً موجها إلى «المحقق الاستشاري». وهناك أعداد ليست بالقليلة من مرسلي الخطابات يبحثون عن استشارة من النواحي الجنائية. وأوضح توماس ستيرنز إليوت، الحاصل على جائزة نوبل في الأدب :"ربما يرجع الجزء الأكبر من الغموض في شخصية شرلوك هولمز إلى أننا نستسلم إلى حتمية الاعتقاد بأنه كان موجوداً عند الحديث عنه". ولا ينفي المتحف حقيقة ذلك، حيث يقول موقع الويب الخاص بالمتحف "غالباً ما يسأل الزوار عما إذا كان شرلوك هولمز والدكتور واطسون قد عاشا بالفعل في هذا المنزل، لكن للأسف لا توجد أية مستندات رسمية خاصة بالمستأجرين الذين عاشوا في هذا المنزل خلال العصر الفيكتوري". لوحة شرف وتوجد على واجهة المنزل لوحة زرقاء تقليدية، والتي يمتاز بها جميع المنازل السابقة للشخصيات المهمة في العاصمة البريطانية. ولكن عند تدقيق النظر والقراءة بعناية، سيلاحظ السياح أن هذه اللوحة تجنبت الصياغة المعتادة «هنا عاش ...»، وبدلاً من ذلك تحتوي اللوحة على «221 ب شرلوك هولمز – المحقق الاستشاري 1881 - 1904». وقد تم ترتيب وتنظيم المنزل من الداخل بحيث يبدد هذه الشكوك، خاصة أن الطابق الأول في المنزل يبدو كأن شرلوك هولمز قد خرج للتو لإحضار أفيون جديد، حيث إنه من الأمور المعترف بها أن شرلوك هولمز كان يتعاطي المخدرات، ومنها قوله :"زجاجة الكوكايين تظل معي باستمرار". وتشتعل النار في الموقد وتظهر المراجع والمجلدات والأسلحة مكدسة على الطاولات والخزانات. وتتجلى في الطابق الثاني أجواء غريبة أمام السياح، حيث يُشاهد الزائر البروفيسور موريارني بشكل غير متوقع، كتمثال مصنوع من الشمع. وفي قصة «المشكلة الأخيرة» لقى البروفيسور حتفه مع شرلوك هولمز في شلالات رايشنباخ السويسرية. تمثال برونز وتعتبر الرأس الكبيرة المحنطة لكلب آل باسكرفيل من أكثر قطع المتحف إثارة لإعجاب الزوار. وتعد هذه القصص من أشهر روايات شرلوك هولمز، والتي كانت سبباً في شهرته. ولا يمكن للخوف أن يتسرب إلى الزوار أثناء مشاهدة الكلب، لأنه يبدو بعيون حزينة، وبعد ذلك يشاهد الزوار دورة المياه الخاصة بشرلوك هولمز تحت السقف مباشرة. وأمام محطة مترو بيكر ستريب يقف تمثال من البرونز لشرلوك هولمز منذ 1999، حيث يبدو المحقق الجنائي العبقري وهو ممسك بالغليون ومرتدياً كاب. وتوجد في العاصمة البريطانية العديد من الأماكن التى ترتبط بشرلوك هولمز بشكل من الأشكال، وهناك العديد من المرشدين السياحيين المتخصصين في هذا المجال، فعلى سبيل المثال يتم تنظيم جولة لتسليط الأضواء على الجوانب الأدبية والتاريخية لشرلوك هولمز، بالإضافة إلى جولات شرلوك هولمز السياحية، التي تركز على مواقع تصوير القصص والحكايات بصفة خاصة. وتعتبر محكمة غودوين هي المكان الأكثر إثارة في رحلة التعرف على شخصية المحقق الاستشاري، وقد تم استخدام البهو الداخلي لهذه المحكمة في تصوير العديد من الأفلام التي تدور أحداثها في هذه الفترة. وتتناغم جميع التجهيزات هنا مع بعضها البعض؛ مثل واجهات القراميد والأبواب المصقولة ذات اللون الأسود ومصابيح الغاز، التي كانت تعتبر بمثابة حنين إلى الماضي عند ظهور قصص شرلوك هولمز؛ لأن العاصمة البريطانية اعتمدت على الإضاءة الكهربائية في الطرقات والشوارع خلال 1890. وانتهت الجولة السياحية سيراً على الأقدام بالقرب من حانة شرلوك هولمز بالقرب من البرلمان. وتعتبر هذه الحانة في حد ذاتها بمثابة متحف لشرلوك هولمز، نظراً لما تزخر به من تذكارات عديدة. وعلى مقربة من هذه الحانة يوجد المركز القديم لسكوتلاند يارد، الذي يوجد به حالياً مكاتب نواب البرلمان. وربما يتعين على السياح بعد ذلك التنزه على كورنيش نهر التايمز على الضفة الجنوبية حتى جسر البرج «تاور بريدج». وفي هذا المكان سيتذكر السياح مشهد النهاية في فيلم شرلوك هولمز بطولة روبرت داوني جونير وإخراج غاي ريتشي. وفي هذا المشهد يظهر الجسر في مرحلة البناء خلال 1894. ولم يعد هناك سخام أو غبار من العصر الصناعي، بل يبدو الجسر نظيفاً ومحاطاً بالأبراج الإدارية المتلألئة. ويتعجب السياح من أن هذا المكان يعتبر مسرح الجريمة التي ظهرت في العديد من الأفلام. وفي نهاية الجولة السياحية التي تسير على خطى شرلوك هولمز لمدة يوم واحد في العاصمة البريطانية، يبدأ السياح في التشكك في وجود شخصية المحقق الاستشاري الشهيرة.