صار الفنان العربي يتباهى بلا كلل بجمهوره، ولا يكاد يمر لقاء أو تغريدة من دون الثناء على الجمهور... فهل هذا عائد إلى حبّ الفنان الزائد لمعجبيه أمّ أنّ الأمر يتعلّق بمآرب أخرى؟ لقد جعل الفنان جمهوره درعاً لأي موضوع يطرح في الصحافة ضده أو لمهاجمة فنانين آخرين. هكذا، انتشرت تسمية "جيش الفنان" كأنّنا نعيش في ساحة معركة! هل أصبحت الرسالة السامية التي يتغنّى بها الفنان جبهة حرب وصار الفانز الخاص به جيشاً يتمترس في الصفوف الأمامية بينما يجلس الفنان على أريكته الفارهة ويطلق الضحكات والتصفيق الحار ويتباهى بما قام به معجبوه؟ للأسف، فإنّ الفانز يفكر بقلبه ويحاول تجاهل عقله. هل هذا ما تربينا عليه بأن نجعل الشتائم ديننا؟ لقد صار بعض الصحافيين يتوجسّون من الكتابة عن أي فنان خوفاً من جيشه وشتائمه. هناك صحافيون حرّكتهم قوة الحرف، فاقتحموا هذا المعترك وقالوا رأيهم بصراحة ولم يبالوا بالشتائم أو محاولة إقفال حسابهم عبر تويتر بسبب كثرة الشتائم التي تأتيهم من الجمهور. كنت أسمع في السابق بأنّ الكلمة أكثر حدةً من السيف، ولم أنتبه إلى ذلك الا بعدما دخلت عالم تويتر وشاهدت ما يتعرّض له بعض الصحافيين من هجوم يشنّه جمهور المشاهير الذين طلبوا منه مهاجمة الصحافي. على الجميع أن يتقبّل نقد الصحافي برحابة صدر، خصوصاً إذا جاء من طرف لا يصفّي حساباته أو ولا يتبع للفنان الفلاني كما يروّج الفنان عادة في صفوف جماهيره. وعلى الجميع أن يعرف أنّ لا أحد فوق النقد ويدرج المسألة تحت بند "رحم الله امرئ أهداني عيوبي". لن أخاطب الفنانين لأن الشهرة أعمت بصائرهم قبل أعينهم. سوف أخاطب الجمهور وأقول له: لا تسلم قلبك وعقلك لأي شخص ولا تسر خلفه كأنك "أمعة" بل فكِّر قبل أن تقدم على أي شيء. "اعطني عقلك، أعطِك فكري".