يحظى مسلسل "الداعية" باهتمام الشاهدين كونه يتطرق إلى موضوع مهم هو ظاهرة الدعاة النجوم وتجنيد الشباب والتأثير عليهم تحت شعار الدين. كما يبرز صورة رجال الدين الذين اتخذوا من الدين ستاراً وغطاء للتجارة وجني الأموال، إضافة إلى إضاءته على الصراع بين رجال الدين النجوم الذين غزوا الشاشات في السنوات الأخيرة، وباتوا أهم من نجوم الفن. يظهر المسلسل جانباً من الصراع بينهم على النجومية من خلال الشيخ حسن الذي يقوم بدوره الممثل أحمد فهمي وغيرته من نجومية الشيخ يوسف الذي يجسده هاني سلامة.   منذ حلقاته الأولى، نال المسلسل الاعجاب نظراً إلى قوة طرحه وقربه من الواقع. إلا أنّه بدأ يدخل في نطاق المبالغات عندما بدأت قصة الحب بين الشيخ يوسف وعازف الكمان نسمة التي تجسد شخصيتها الممثلة بسمة. وقد استوحى مؤلف العمل من قصة حبّها مع السياسي عمرو حمزاوي، فاقتبس منها الكثير. نرى مثلاً عندما يعلن الشيخ يوسف في برنامجه عن حبّه لها على غرار المقال الذي كتبه عمرو حمزاوي قبل سنتين حيث باح بحبّه لبسمة ونشره في الصحافة المصرية. لكن الفارق كبير بين أن يحبّ رجل سياسي فنانة وبين الإسقاط الذي قام به المؤلف في العمل. نرى رجل الدين المتشدد في آرائه، يذهب الى دار الأوبرا لحضور حفلات بسمة الموسيقية بعدما كان يحرّم الموسيقى، ويكسر آلة الكمان الخاصة بشقيقته الصغرى عندما علم أنها تأخذ دروساً في العزف. وفي حلقة الأمس، يأخذ بسمة الى مكتبه ويسألها عن الأغنيات التي تحبّ سماعها، ثم يدير "سي دي" لفيروز. هذا الأمر أثار موجة من الانتقادات الساخرة ضد المسلسل الذي اعتبره البعض أنّه يستخفّ بعقول المشاهدين. فليس منطقياً أن تخضع شخصية الشيخ يوسف لهذا التحوّل الجذري. وعلّق البعض أنّه في الحلقات القادمة، سنجد أنّ الشيخ يوسف سيرافق نسمة الى النوادي الليلية. وطالب آخرون القائمين على العمل بالتوقف عن هذا الاستخفاف، وأن يكون التغيّر في شخصية الداعية ضمن حدود المعقول.   أيضاً، وجِّه نقد آخر للعمل، فالمؤلف ركّز على التغيّر الذي طرأ على الشيخ يوسف وكيفية محاولته إرضاء نسمة بأي طريقة في حين أنّها لم تبادر هي بأي خطوة. ففي الوقت الذي يتراجع هو عن فتاواه بتحريم الموسيقى، نراه يحللها، وفي وقت يفرض الحجاب على شقيقاته البنات، لم يذكر سيرته لحبيبته بل وصلت المبالغة أنّه احتضن نسمة في إحدى الحلقات. هذه الأمور أفقدت المسلسل جزءاً من واقعيته ونجاحه. وكان الأجدى بمؤلف العمل عدم إغراق الشيخ يوسف في هذه الرومانسية المفرطة ومعالجة القصة بطريقة أقرب إلى الواقع، وعدم تحويل الداعية المتشدّد الى عاشق ولهان يقتني "سي دي" لفيروز ويقضي وقته في الحديث على الهاتف مع حبيبته والتغزل بها بينما ما زال يرفض زواج شقيقته من مخرج مسرحي.   من جهة أخرى، يبدو أنّ المسلسل لفت أنظار الصحافة الأجنبية. أجرت مجلة "نيويوركر" تحقيقاً عن المسلسل وقضية رجال الدين التي يناقشها. وقد صرّح كاتب العمل مدحت العدل للصحيفة: "إنّني مؤمن أنّ هذا وقت مهم جداً بالنسبة إلى وطني. إما أن نتقدم أو أن نعود إلى الوراء مئات السنوات". وأضاف "لقد شعرنا أنّ هذا هو الوقت المناسب للحديث". وأضاف العدل: "تستطيع أن تصلّي، وتحبّ الموسيقى في الوقت نفسه"، خاتماً: "لن يستطيع الاخوان أن يحكموا مصر، سيغادرونها قبل انقضاء هذه السنة".