في كتاب ترجم إلى العربية بعنوان "العنوسة مساحة أنثوية" وصدر عن درا المدى بترجمة وتحقيق كارين صادر، يتناول العمل قضية العنوسة من جوانب نفسية واجتماعية وثقافية. وتقول المقدمة "اذهبي إليه هو لباس لك وأنت لباس له. كل منكما يسعد بصاحبه ويشقيه، ويتأبى عليه وهو راغب فيه، ويفزع إليه إذا خرّ به أمر ويستند عليه إذا أثقله همّ. ويتخذ كل منكما الآخر ستاراً يسدّ عنه خائنة الأعين ومرآة يرى فيها حسناته وسيئاته ومحاسنه وترحل هذه الأسطورة من زمن إلى زمن، تاركة صداها في ضمائرنا يتفاعل مع الصوت الذي تضج به أفئدتنا، ليؤكد لنا أن كل معاني الحياة العذبة تصبح جوفاء إن لم يشاركنا فيها الآخر". وهذه (الأنا) التي تسكنني تغدو خاوية من دون (الأنت) لأنها مرآة ذاتي، فيها تظهر نقاط ضعفي وقوتي، ما يميزني وما ينقصني من دونه أنا لا شيء لانعدام ما يشعرني بوجودي. وثنائية (الأنا والأنت) أو (ال هو وال هي) تتبدى لنا أكثر نضجاً وإشراقاً في مرحلة الشباب، حين تتجلى في صورة رجل وإمرأة انجذب كل منها نحو الآخر فتشابكت العواطف وسارت الأحلام بها إلى عتبة الزواج. لكن السؤال المتعلق دوماً والمطروح أبداً يتعلق بمدى توفيق ال (هو) باختيار ال(هي) خاصة وإن العاطفة في مرحلة الاختيار تكون في أوج دفقها وعدد كل من ال (هو) بالنسبة إلى ال (هي) أو ال (هي) إلى (هو) كبيرة جداً. زد على هذا، ما سيبني على هذا الاختبار من نتائج هامة كتوحد ذاتين في ذات مشتركة، وكوضع مسؤولية أسرة على كاهل فردين، ما اعتادت قامتاهما حمل أمثالها، ولا اختبر عزمهما في تحملها، وكولادة أطفال قد يمنحهم هذا التوحد أسباب الحياة بعد أن كانوا في قاع العدم". وهذا المحور إلهام في حياتنا، محور اختيار الآخر كان الباب الذي ولجت منه المؤلفة لاختيار موضوع بحثها في هذا الكتاب. وهو يمثل درباً بكراً من دروب الأدب والأبحاث الاجتماعية وهو العنوسة الإرادية وغير الإرادية عن المرأة. وهو كتاب يترك للفكر عنانه وللحرف حريته في الخوض بموضوع كهذا، لم يشكل ولا حتى باباً منفصلاً ضمن مئات الكتب التي تناولت المرأة في كافة حالاتها وجوهها الاجتماعية سواء كانت شابة أو زوجة أو أماً، أو رائدة في مجال ما، أو مشاركة في إحدى ميادين العمل والعلم، أو مكونة مادة للتشريح الجسدي والنفسي لإظهار ما تتفوّق به على الرجل وما يتفوّق به عليها، ما تفكر به وما تضمره، ما كانت عليه وما هي عليه وما ستؤول إليه، ما كتب عنها وما كتبت هي عن نفسها، حتى استهلك موضوعها واستنزف تماماً إلا حالة واحدة، ووجه واحد، وجرح لم يبلج ليله ولم تسفر صحبه ولم يتوقف نزفه هو "عنوستها".