تأخرت صديقتي رنا في الزواج، لم تتأخر كثيرا فقد اقترنت بشريك حياتها منذ عام وكان عمرها 32 سنة. ولكنها ظلت تخاف أن يتقدم بها لاعمر ويزول جمالها قبل أن تتزوج. وحين تجاوزت الثلاثين أصابها الرعب! رنا جميلة حقا، والكل يتكلم عن حضروها وجاذبيتها وفتنتها، وأينما حلت تلفت الأنظار، ولكن ذلك سبب لها شيئا من الغرور لطالما كان سببا في خلافاتها مع صديقاتها وقريباتها. ومنذ أن تزوجت رنا من شخص متواضع الوسامة، وموظف عادي ولكنه دمث وخلوق ويحبها. باتت تحس أنها ظلمت كثيرا في هذه الزيجة، وقد لاحظت ذلك منذ أن زرتها للمباركة أول زواجها، وقد زرتها منذ أيام وسمعتها تتحدث عن تسرعها وأنها كانت تستحق رجلا أفضل وأوسم وأثرى. كنت أسأل رنا ألا يحبك كفاية؟ هل هو مقصر في واجباته؟ فتجيب : كلا كلا ليس الأمر هكذا، ولكني أستحق أفضل منه بكثير. في الحقيقة يشعر الأشخاص الذين لديهم إحساس عال للغاية بقيمتهم الذاتية بأن شريك الحياة ليس جذاباً على النحو الذي يرضي طموحهم. وكلما زاد تقدير أحد الزوجين لذاته والجوانب الإيجابية بشخصيته، قل انجذابه لشريك الحياة. وكانت جامعة بوخوم غرب ألمانيا قد أجرت استطلاعاً للرأي بين عدة أزواج يبالغ أحدهما في تقديره لقيمته الذاتية، وتوصلت نتائج الاستطلاع إلى أن هذه الظاهرة يمكن ملاحظتها أكثر لدى الأزواج الصغار في السن نسبياً، حيث تختفى حدة النرجسية على مر السنين. وأظهر الاستطلاع أيضاً أن الأشخاص الذين لديهم إحساس مبالغ فيه بقيمتهم الذاتية يرغبون في المقام الأول أن يشعروا بإعجاب شريك الحياة بشخصيتهم وما بها من جوانب إيجابية. وهؤلاء الأشخاص يعتقدون أيضاً أنهم يسهمون في نجاح الزواج أكثر من الطرف الآخر. لكن هذه الموقف الاستعلائي من شريك الحياة يتسبب في كثير من المشاكل الزوجية، كما يلحق الأذى النفسي بالشريك ويجرح كرامته وشعوره بقيمته ويرهقه وهو يحاول أن يثبت أنه كفوء ويستحق هذه العلاقة الزوجية. في الغالب الأعم تشعر النساء بهذا الشعور أكثر من الرجال، خاصة إن كن جميلات جدا أو ثريات جدا أو حاصلات على درجات علمية كبيرة. ولكن ذلك لا يعني أن الرجال لا يحسون بذلك، خاصة أولئك الذين يخرجون من بيئتهم ويسافرون، فيظنون أنهم أصبحوا أفضل مما كانوا عليه في السابق وأنهم يستحقون شريكة جديدة تناسب وضعهم الحالي ماديا أو اجتماعيا. ويتفاقم هذا الإحساس لدى الرجال الذين يتزوجون امراة تكبرهم ببضعة سنين، إذ يظل معظمهم يعتقد أنه قدم تضحية بالزواج من امراة تكبره في العمر. أو إذا كانوا شديدي الوسامة واقترنوا بفتاة متواضعة الجمال. في الحقيقة إن هذا الشعور لا يدل على عدم الحب، بل على الغرور فقط والمبالغة في حب الذات. وهذا قد يجعل الآخر يهرب من الحياة التي يشعر فيها بالدونية، أو يستمر الاثنان في حياة زوجية تعيسة بلا أمل.