مَن منا لا يعشق أن يُحِب ويُحَب وأن يكون مستقراً في حياته العاطفية والمادية؟ إلا أنّ شائعة بحث الرجل عن الحرية تحوم دائماً حولهُ، فهو يعشق التغيير متى شاء وبدون قيود. بالتالي، يصبح الهروب من الزواج أمراً واقعاً وليس رغبةً منه بحياة مضطربة، بل لإختلاف نظرته إلى الزواج والإستقرار كلياً عن نظرة المرأة. ورغمَ أنّ المرأة تبقى دائماً مصدر سعادة الرجل في الحياة، فهي أيضاً (كما يقول البعض) مصدر شقائه. ومن هنا نسأل: لماذا يتردّد الرجل في الزواج؟ وإن فعل، لماذا لا نراهُ متحمساً كالعروس في إعداد تفاصيل الزفاف وحياتهما الزوجية المقبلة؟   الحالة الإقتصادية والأولويات يؤكد الأستاذ الجامعي في التربية والعلوم الإنسانية نبيل ظاهر أنّ الحالة الإقتصادية للرجل والعريس تحديداً تلعب دوراً أساسياً في تحديد أولوياته في ما خص الزفاف. فالخوف من غلاء المهور وإرتفاع تكاليف الزواج وإقامة الإحتفالات وشراء منزل الزوجية وأكثر باتت سبباً رئيسياً في عزوف (أو تردّد) الشبّان عن الزواج والإرتباط. ويرى ظاهر أنّ مسألة إقامة الزفاف وتكاليفه تبقى "نسبية"، وما يصح في هذه البيئة قد لا يتطابق مع بيئة أخرى لإختلاف طبيعة البشر وتفاوت أولوياتهم ومادياتهم. منهم من يتمسك بالمظاهر والإبهار أو "الفخفخة" في ما يتعلق بتحضيرات العرس كأنّ نجاح الحفل مرتبط بعامل المال فقط، ومنهم من لا يرى الزواج إلا من منطلق مبني على المصلحة المادية التي سرعانَ ما تزول بمجرد إنتهاء الوضع المريح للحالة الزوجية فيكون إنفصال الزوجين بعد فترة وجيزة أمراً محتماً. وبينَ هذا وذاك، هناك زفاف الطبقة الوسطى التي يتقاسم فيها الطرفان أعباء الحياة وهمومها ويكون فيها الزواج "بنسبة كبيرة" مبنياً على الحب والتفاهم ومشاركة الحياة بحلوها ومرها. ولأن الحياة الزوجية في مجتمعنا العربي تحديداً باتت لا تقوم إلا على "المشاركة"، ينصح ظاهر العروسين بالإتفاق على جميع الأمور المادية وتحديد سياسة الصرف في المنزل قبل الزفاف خصوصاً إذا كانت العروس تعمل وتساعد أهلها. إختلاف في نوعية التفكير والتركيز أمّا عندما يزداد حب المرأة للرجل بشكل مبالغ فيه ويسمى "حب الأنانية" فترغب أن يكون لها فقط، فقد أشار ظاهر بأنّ الحقيقة العلمية تؤكد بأنّ دماغ الرجل يعمل بطريقة مختلفة عن المرأة. الرجل مثلاً يقدر على تناول موضوع واحد فقط والتركيز عليه حتى يحلّل عناصره الأولية بدقة، لأنّ القسم المسؤول عن التحليل يعمل منفرداً من دون أن يتصل كثيراً بما يرسله له القسم الآخر المسؤول عن الإنطباعات والمشاعر بعكس المرأة التي يصل عندها عدد الألياف العصبية التي تربط بين القسمين 4 أضعاف العدد الموجود عند الرجل، ما يؤدي إلى إختلاف واضح في طرق التفكير ونوعية التركيز بين الزوجين. فالإستقرار من وجهة نظر الرجل وبالتحديد الزواج يجب أن يكون في عدم زيادة الأمور التي تصعّب تحكمّه بالحياة وتجعل المستقبل مضطرباً بشكل أكبر.   سيطرة المرأة وتعليقاً على المرأة التي تفرض سيطرتها ونفوذها على الرجل في بعض الأحيان، ما يجعل الأخير أكثر تردداً وبعداً عن فكرة الإرتباط خوفاً منها، يقول ظاهر إنّ "الحب مدارس مختلفة. أمّا الزواج فمؤسّسات مختلفة". بمعنى آخر، فإنّ الشاب العصري يسعى حالياً إلى الزواج والإرتباط من فتاة عاملة تساعده في تأسيس هذا المنزل، وممّا لا شك فيه أن العمل يجعل المرأة أكثر قوة وأكثر قيمة في مختلف النواحي الواقعية والمعنوية. وقوتها ونفوذها وسيطرتها داخل عش الزوجية تحدّد بمدى تناسق العمل مع شخصية المرأة وقدراتها ومهاراتها، وأيضاً بنوعية شروط أداء العمل وظروفه ووقته وعائداته. ختاماً، بين تردّد الرجل في الزواج والإرتباط وحاجة المرأة إلى الإستقرار، أكّد ظاهر على أهمية أن يعي الطرفان "ثقافة التوازن بين الدخل والمصاريف" ناهيك بإدراك ثقافة التفاهم والحوار والمشاركة من أجل الوصول إلى حياة زوجية مستقرة عاطفياً ومعنوياً ومادياً.     للمزيد: عروة العريس: لمحة وتفاصيل ونصائح! من خبيرة الإتيكيت صونيا صباح، دليل بواجبات العريس!