البعض يكابر و يعاند. ولكن إليكم هذه الحقيقة العلمية، المرأة و الرجل ليسا من كوكب واحد. المرأة و الرجل لا يتكلمان اللغة ذاتها. و كما تقول جدتي الرجل هو الرجل أما المرأة فهي المرأة و كفا بذاك دليلا حاسما على صحة النظرية. و يحسن بمن تريد أن تعترف بالواقع من القارئات و من تسعى لتجنب المشاكل وسوء الفهم أن تطلع على دليل الترجمة الفورية الذي نقدم أجزاء منه هنا، و سنسعى إلى إطلاعكم على أجزاء أخرى تباعا في قادم الأيام. ذلك أن الرجل، وخاصة الرجل الحديث يتكلم ولكن المرأة لا تفهم، أو أنها لا تفهم تماما ما يقصد، أو أنها تفهم ولكن بشكل خاطئ. و المشكلة، كل المشكلة، في الترجمة. حسنا إليكم لمحة عن "الدليل".   "خلّي عنك..." "خلّي عنك، ولا يهمك، أنا بنضف الطاولة بس يخلص الماتش": ما أن تسمعي كلمات مثل "بس" أو " بعد شوي" أو "حتى" أو "ولكن" فكري انك بحاجة لترجمة مباشرة لما قاله. و في حالة الجملة السابقة كما تلاحظين فإن المعنى سيكون على الشكل التالي: ستجدين كل شيء على حاله غدا صباحا، في الواقع أنا لن افعل شيئا الآن، ولن افعل شيئا بعد قليل، و الحقيقة لا رغبة لي بالنقاش حتى، اريد أن أتفرج على التلفزيون، و عندما ينتهي الماتش سأتابع على الأغلب فيلم السهرة، وقد أعطف على بعض نشرات الأخبار ثم أتفرج على برنامج حواري عن الدلافين قبل أن أنام على الكنبة أمام كومة صحون كبيرة وسأضيف إلى الكومة الكثير من الفناجين والكؤوس ايضا، ولن ارفع منها صحنا واحدا. ولكن يتسائلون حائرون القراء و القارئات، ولكن لماذا يقول أنه سيفعل كذا، إن كان لا يريد أن يفعل كذا حقا؟ في الواقع إن الرجل معلق في اللحظة الحاضرة دائما و تماما، ولعل المرأة كانت واقفة أمام التلفاز، أو أنها تزعجه بحديث جانبي، أو أي شيء من هذا القبيل، وهكذا فما يقوله موجه نحو هدف محدد: إبعادها من حقل الرؤية، تحييد الخصم و تأجيل الموضوع، بتعبير عسكري مشاغلة الخصم من خلال طلب هدنة مؤقته للإنفراد بالتلفزيون مثلا. الرجل، الرجل الحديث تحديدا، استراتيجي كبير في كل لحظة من لحظات حياته. ولهذا لا يمكنه أن يقول ما يفكر به.   إنه يقول: "آه، أكيد، هـ الفستان، بيلبقلك كتير كتير، أكيد". العلامة التي يجب أن تثير اهتمامك هنا هي كلمة "أكيد". أو إن قال مثلا" رائع، رائع، رائع" ثلاث مرات، أو إن كرر كلمات مثل "كتير، كتير، كتير". إنتبهي، لا بد أنك سمعت هذه الجملة سابقا مرات تعقيبا على قميصك الجديد، حذائك الجديد، أو فستانك الجديد و أنتما تتبضعان معا في السوق. حسنا إنه يقصد أن يقول: يمكنك أن تشتري أي شي، كل ما ترغبين، حتى لو لبست أكياس بلاستيك يا عمري، المهم أن نخرج من هذا المحل باقصى سرعة ممكنة". هل تريدين أن تعرفي حقا ما يدور في ذهنه في هذه اللحظة، إنه غارق في الملل المروع، حتى أنه يتذكر أكثر لحظات حياته مللا ـ إجتماع سنوي مع إدارة المؤسسة مثلاـ باعتباره واحدة من لحظات الغبطة و السعادة. إن أبدى إعجابا بلا حدود، كأن يقول "رائع" أكثر من ثلاث مرات، اعلمي أن الموضوع وصل إلى درجات لا تحتمل و عليك ان تخرجي من المحل بأقصى سرعة.     إنه يتسائل: ماذا سنأكل هذا المساء؟ يمكنكم التفكير بترجمة مناسبة لهذه الجملة، قبل أن نتابع في الأسبوع القادم.... وكما يكتبون في نهاية الجزء الأول من فيلم نعلم جميعا نهايته... يتبع....