أيها القراء الأعزاء مسألة اليوم تتكرر يوميا في كثير من بيوتنا، وخاصة عندما تكون الزوجة تسكن في بيت عائلة زوجها كما نرى في كثير من بيوت دول الخليج. وبفهم خاطيء أيضا لمعنى ولحدود البر للوالدين يلجأ كثير من الأزواج بحجة بره بوالديه وخاصة أمه يلجأ لظلم الزوجة وخصامها وهجرها بالشهور وأحيانا طردها من البيت وسبها و إهانتها كل ذلك من أجل ارضاء أمه حتى لو كانت الأم هي المخطئة. تقول الزوجة عبير :لقد فارقت بيت عائلة زوجي من 5 أشهر و لدي منه طفلين. وما فكر زوجي يتصل يسأل عن أولاده ولا حتى عني، فقلت لعل جدة الأولاد تشتاق لأحفادها وتسأل عليهم ومع الأسف ما فعلت وكل المشكلة التي أخرجني زوجي بسببها من البيت أنني نمت يوما وتأخرت بسبب ابني الرضيع و ما نزلت أجهز لها الإفطار، مع العلم أن لديها بنتان (إخوات زوجي) واحدة طالبة بالجامعة والثانية تعمل. ولديهم خادمة لكن الكل يتلذذ بعذابي بين تحضير طلبات زوجي وتنظيف الفيلا مع الخادمة وطلبات أولادي الصغار. ثم اهتمامي بنفسي ولبسي والتزين من أجل زوجي كل ذلك أحاول أوفق فيه لكن أحيانا أتعب فأنا بشر و أريد ارتاح ساعتين أو ثلاث. ويا ويلي من حماتي إن حدث ذلك، أحسها تأخذ كل سر أحكيه لها لتستغله ضدي مع زوجي أحسها تريد تريح بناتها على حساب تعبي أنا. ولكني أتحمل. وكل مرة أغضب فيها أعود بنفسي للبيت فانكسر أكثر وأكثر أمام الجميع .فانصحني يا سيدي هل أطلب الطلاق؟ أم أعود ذليلة كما عودتهم مني على ذلك؟ الجواب : أولا يا اختي الكريمة لا تندمي على ما قدمت فأجرك وصبرك لا يضيع ثوابه عند الله أبدا مهما تنكر المخلوق لمعروفك قل لا أسألكم عليه أجرا . ثانيا: إياك أن تطلبي الطلاق ولكن ادخلي من يستطيع حل المشكلة بخبرة وعلم من الأهل أو من المتخصصين وأحضري زوجك الأسبوع القادم . فاستجابت الزوجة وأخبرته بالموعد فحضر ورحبنا به واستمعنا لرده على كلامها وكان ملخص ما تعلمه الزوج وصار عليه في علاقته بزوجته وأمه أن :الزوجة تتغير والأم ما تتغير بمعني أنني أقدر أجيب بدل الزوجة أربعة أما الأم فهي واحدة والله أمرنا بقوله تعالى : ( وبالوالدين إحسانا) لذلك هذا مبدأي ترضي أمي بأي شكل تعيش معي ما ترضيها ما لها مكان في بيتي . وهنا بدأنا نرتب للزوج ونصحح معلوماته المختلطة و فهمه للنصوص الشرعية بطريقة خطأ فقلت له :   أيها الزوج العزيز : 1- إياك أن تحمل القرآن وآياته ما لا يحتمل فليس الأمر بالبر في القرآن بوالديك معناه تظلم زوجتك فالقرآن الذي أمرك ببر والديك أمرك أيضا بالإحسان لزوجتك حتى وإن طلقت قال تعالى: ( ولا تعضلوهن) وقال سبحانه في معاملة الرجل لزوجته ( و تلك حدود الله فلا تعتدوها ) وقال سبحانه:( ولا تنسوا الفضل بينكم) وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم "لا يكرمهن إلا كريم ) وقال أيضا: ( رفقا بالقوارير) و قال :( اتقوا الله في الضعيفين المرأة واليتيم) وغيرها عشرات من النصوص الشرعية التي تنبه الزوج ألا يظلم زوجته فكما للأم حق عليك فللزوجة حق عليك . 2- ثم أولادك أليس لهم حق عليك في الزيارة والصرف والرؤية ألا تشتاق لهم جدتهم ؟ لماذا نقحم الصغار في خلافات الكبار ؟ لماذا لم تحمل أولادك لبيت أمك لتؤلف قلبها فتقول لك اذهب وأحضر زوجتك . 3- أيها الأخ الكريم إن كانت الخلافات قابلة للحل وليس مستعصية فاحمل زوجتك للبيت وصالحها على أمك، وكن عادلا بينهما وقل كلمة الحق فزوجتك لها أب وأم مثلك يغضبون لحزنها وإهانتها. كما أمك بالنسبة لك ثم نحن لنا أخوات سيتزوجن قريبا فما نزرعه اليوم مع زوجاتنا نحصده غدا في معاملة أزواج أخواتنا. أليس كله سلف ودين؟ 4- حاول تكون ذكي في تعاملك مع الزوجة والأم كل لكل منهما ما يرضيها وأشعر كل واحدة بأنها الأهم والأقرب وهذا ليس صعبا أبدا. 5- أما إن كانت الحياة بينهما مستحيلة في بيت واحد(بيت العائلة) فيفضل الاستقلال بمنزل زوجية ولا يعني ذلك قطع رحمك بل ستصبح الزوجة والأولاد بعد شهرين ثلاثة غالية جدا. والمشاكل ستختفي وليس هذا عقوقاً، بل حفاظاً على كل الأطراف ألا يختل أو يخرب شيء على حساب شيء أخر. 6- ثم أخيرا إن عادت زوجتك لبيت العائلة فيجب أن تخفف عنها الأعباء المنزلية ليتشارك الجميع من أخوات و زوجة وأم وخادمة وأنت نفسك ساعدها فلست أفضل من سيد الخلق الذي كان يعمل في خدمة أهله ( أي طلبات المنزل من تنظيف و شراء و إصلاح نعله وخياطة ثوبه). هذا هو الدين بصورته الحق وهذا هو الإسلام وتلك تعاليمه فكما لأمك عليك حقا فلزوجتك وأولادك عليك حقا أفي ذلك ريب يا أخي الكريم؟ رد الزوج فقال : صدقت يا سيدي وسأحاول أصلح ما فسد و نسألك الدعاء. وخرج صالح مع زوجته عبير وهو يقول لها جهزي أغراضك سأمر غدا أحملك للبيت وسامحيني. فذرفت دموع الزوجة ولم أدر ساعتها هل هي دموع حزن أم دموع الفرح.