أيها القراء الأعزاء مسألة اليوم من المسائل التي تشير إلى مغالطة كبيرة يعيشها كثير من رجال اليوم –أقصد الأزواج- وهي تبرز الفهم الخاطيء لقضية التعدد –أقصد تعدد الزوجات- وتعالوا لنستمع لصاحبة المشكلة بنفسها.

 تقول السيدة مديحة: تزوجت منذ 11 عاما ورزقت من زوجي بولدين وطفلة جميلة والكل يعترف أنني زوجة وأم بمعنى الكلمة. أعمل وأوازن بين عملي وبيتي، طعام زوجي في وقته البيت نظيف الأطفال متفوقين بمدارسهم، أعتني بملابسي وزينتي أهتم بأهل زوجي وأحافظ على صلاتي.

وهنا كانت المفاجأة عندما قالت الزوجة : ورغم كل هذا وأنا امرأة والحمد لله جميلة بشهادة الآخرين وشهادته هو أيضا. لكن زوجي أمام كل تلك النعم كنت أفاجأ كل كم شهر بوجود زوجة جديدة في حياته من جنسيات مختلفة و ما يكمل مع الواحدة شهرين ثلاثة حتى يطلقها.

وبلغ عددهن 5 زيجات وعندما اكتشفت تلك المأساة كان يدخل لي من باب الدين فيقول: والله الشرع أباح التعدد وأنا رجل قادر.

وتضيف الزوجة: ثم يأتيني من باب أخر من الدين وهو قوله : هو أنت تريديني أمشي في الحرام ؟ الزواج أحله الله ؟ فقلت له: وفي أي شيء قصرت معك لتأخذ زوجة أخرى؟  فرد زوجي محاولا إقناعي نفسيا مرددا نفس كلمات بعض أصحابه الذين تزوجوا وعددوا : يا زوجتي الحبيبة النساء مثل الفاكهة لكل واحدة منها طعم فطعم التفاحة غير الموزة غير البرتقالة وهكذا .

قلت له: ومشاعري و حقوقي أنت مقصر فيها ولا نراك إلا دقائق لأن وقتك موزع بين عدة زوجات اتق الله فينا. فيرد زوجي مرة أخرى متمسحا في الدين: ما الرسول كان عنده 9 زوجات وكان عنده وقت لهن جميعا وما اشتكت واحدة.

أنا تعبت من مجادلته يا سيدي فهو أشطر مني دينيا. وأنا بين نارين غيرتي تقتلني ثم أخشى الطلاق فيضيع أبنائي، أنصحني كيف أقنعه بأن ما يفعله فهم خاطيء للشرع فهو يقطع في صلاته و أحيانا ما يصلي الجمعة ومقصر في دينه و يتعاطى أحيانا ولكن في الدين تسمعه كأنه عالم .

الجواب : أختنا الكريمة طبعا بداية الطلاق ليس حلا وأنصحك بأنه لو عاد لإقناعك مرة أخرى بزواج جديد حاوريه حول 5 نقاط هي :

1- قولي له :هل من العدل أن تعتبر الزواج ببنات الناس ثوب تلبسه وتغيره وقت ما تريد أولا هذا ظلم وزواج قائم على النزوة والشهوة وليس على الدين بدليل أنك تزوجت 5 مرات أطول زواجة كانت 4 أشهر .

2- هذه الأموال التي تنفقها على حفلات وأعراس ومهر و ذهب أولى بها أولادك أو الفقراء والمحتاجين.

3- ليس التعدد موضة عملها أصحابي فلابد أن أقلدهم  وفهمك للدين خطأ فالقرآن أباح التعدد لكن له ضوابط أولها:أن يكون الزوج صاحب عدل قال تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة} (النساء:3) أرأيت فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة وأنت لا تعدل لا في مبيت ولا معاملة.

4- وهل أنت طبقت الدين كله وبقيت لك تلك الجزئية فأردت أن تتدين بها ؟ إنك يا زوجي تشرب أحيانا وتقطع في صلاتك أحيانا فلماذا تظلم الدين معك ؟

5- أما تمسحك في الرسول وحجتك بأنه تزوج بتسع فهذا رسول الله تزوج هذا العدد بأمر من الله بالزواج لحكم كثيرة أرادها الله عز وجل فمنهن من أمر الرسول بالزواج منها. فكان ذلك سببا في دخول قبيلتها التي تقدر بمئات الألوف للإسلام. ومنهن من تزوجها ليبطل عادة التبني مثل زواجه من ابنة عمته زينب بنت جحش قال تعالى : (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ) الأحزاب/37 وانظر لكلمة (زَوَّجْنَاكَهَا) ومعناها أن الله هو الذي زوجه بنفسه وأمره وهكذا.

فإياك أن تقارن نفسك بالرسول صلى الله عليه وسلم وإلا فلتذهب ولتتزوج بتسعة مثله وهذا كلام باطل.

أعزائي القراء إن التجربة العملية من واقع المشاكل الأسرية تثبت أن كثير من الرجال استغلوا هذا الحق الشرعي (التعدد) أسوأ استغلال، وشوهوا صورة الإسلام بتصرفاتهم الغير مسئولة وغير المبنية على فهم صحيح للدين والشريعة .

وأقل كلمة يهدد الرجل بها اليوم عندما يتزوج بأخرى يقول للأولى :إذا مش عاجبك روحي المحكمة اطلبي الطلاق .

بالله عليكم أهذا هو العدل ؟ أتلك هي الرحمة؟ عافانا الله وإياكم أن نكون من الجاهلين .