انتفاضة عمليات التجميل والمبالغة بإجرائها أحد أهم المواضيع التي طرحت في الندوة التي خُصّصت بين جرّاحي مستشفى الأكاديمية الأمريكية للجراحة التجميلية في مدينة دبي الطبية للتوصل إلى مستوى راقٍ في الأداء المهني من أجل سلامة ورقيّ المجتمع.

لا شك أن العامل النفسي يلعب الدور الكبير في اتخاذ أي قرار في إجراء عمليات التجميل، ولكن النسبية مطلوبة، حيث عوامل البيئة والظروف الفيسيولوجية المكتسبة وليست الموروثة هي أحد معطيات القرارات في إجراء العمليات ولا بد من إجرائها في هذه الحالة، مثل السمنة الشيخوخة والحمل والولادة  أسباب أخرى كعمليات الترميم الناتجة من أمراض أخرى مثل التضرر من أمراض السرطان أو كوارث من حوادث حروق أو حوادث سير، ولكن لوحظ في الآونة الأخيرة الإقبال المفرط من قبل بعض السيدات في إجراء عمليات التجميل والمبالغة بها، لذلك كان القرار في إجراء وطرح هذا الموضوع في هذه الندوة التي أقيمت مؤخراً لطرح أهم المشاكل الاجتماعية المرتبطة بعمليات التجميل.

ما هو السبب؟ وما هو الحل؟

تقول الدكتورة جيهان عبد القادر الرئيس التنفيذي لمستشفى الأكاديمية الأمريكية للجراحة التجميلية في دبي: "متى يلغي الجرّاح قرار السيدة أو الرجل في إجراء عمليات التجميل؟ ما هي الأسباب؟ هل تحل فعلا عمليات التجميل بعض المشاكل الاجتماعية؟ هل تعتبر فعلاً عمليات التجميل حلا جذرياً لبعض المشاكل الاجتماعية؟ الطلاق وتعدد الزوجات والعلاقات الغير شرعية وغزو الفضائيات و‘غراء الفنانات والأزمات السياسية تؤدي أحيانا وعشوائيا و لا إراديا إلى انتقام البعض من أجسادهم معتقدين أنهم بهذا التغيير يستطيعون التحليق بالنجومية بعالمهم وحل كل مشاكلهم الاجتماعية مع الأطراف الأخرى والإجابة....لا طبعا."

وتقول أيضا: "نحن كأخصائيين في هذا المجال نشجّع على التحسين من بعض المشاكل الجسدية إذا كان الإنسان فعلاُ بحاجة لها، و لكن لا نؤيّد المبالغة بها لأنها مهلكة جداً ومؤدّية لمشاكل أكبر. من المؤسف أن نرى تحت أسقف عملنا البعض من البشر الذي يعتقد أن المبالغة في عمليات التجميل هي الحل الأنسب للمشاكل الاجتماعية الخاصة. الكثير من النساء يلجأن إلى تكرار و المبالغة في العمليات الجميلية معتقدات أن ذلك حل جذري ولكن ما يحصل هو رد فعل لأمور كثيرة في حياتهن الخاصة وهذا وكأن المرأة تنتقم من جسدها في الجراحة. لذلك كان لخبرة جرّاحينا في هذا المجال نظرة معينة طرحت لإيجاد سياق خاص وبروتوكول محدد في مستشفى الأكاديمية الأمريكية للجراحة التجميلية."

كما أكّد الجراح التجميلي "د. أحمد عبدالله" المتخصص في جراحات تجميل الأنف و إعادة شباب الوجه بأنه لمن المهم والضروري على الجراح التجميلي إدراك وتقييم الأسباب النفسية لماذا يريد المرضى إجراء عملية تجميلية لهم. يجب الأخذ بعين الاعتبار الحاجة "لإصلاح" الأنف الذي لا يحتاج إلى عمل جراحي بأنها مشكلة في بعض الأحيان، ومثالاّ فقد رأيت مريضة في السنوات السابقة لديها عدم تجانس بسيط في أنفها وكانت متصالحة مع نفسها ولكن قام من حولها من الأقارب و زوجها بإقناعها أنها بحاجة إلى عملية تجميل لأنفها وبالفعل لقد اقتنعت هي بالعملية كما أقنعتني بإجرائها لها وقد حصلت على نتيجة تجميلية وتقنية جميلة ورائعة ولكن لم تكن مسرورة على الإطلاق و كانت تريد أنفها كما في السابق! وافقت معي حينها بأن النتيجة التي حصلت عليها جميلة ولكنها لم تشعر بالارتياح و كانت غير مسرورة، استطعت و بمساعدة ابر الحقن أن أعيد تكبير الأنف قليلاّ . وسأحرص في المرة المقبلة أن أتعمق أكثر في الجوانب النفسية للمرضى قبل إجراء أية عملية والتاكد بأن المريض يجري العملية للأسباب صحيحة وأن إرضاء الناس غاية لا تدرك وهو السبب الخطأ.

في تجميل الصدر

وأضاف الجراح التجميلي "د.ماتيو فيغو" في حديثه عن جراحات تجميل الثدي حيث تعد جراحات تجميل الثدي من أكثر عمليات التجميل شيوعاً ولطالما كان و مازال الثدي مرآة جسد النساء وكل محاولة أجريت لتحسين مظهره كانت من أجل زيادة ثقة المرأة بنفسها. ولكن تأتينا الكثير من النساء للاستشارة بدون أي أدنى فكرة عن العمليات الجراحية وما يردن بالفعل من الجرّاح. هؤلاء هن النسوة اللواتي يحاولن أن يخفين نواحي نفسية من حياتهن وذلك بحصولهن على ثدي أكبر. فهذه ليست الطريقة للجراحة. يعد الثدي من أغلى وأثمن الأعضاء في جسم الأنثى ويجب إجراء عمل جراحي له في حال الضرورة فقط.

يستطيع الجراح الحصول على نتائج طبيعية جدا في حال كان هناك ثدي فارغ من بعد فترة الرضاعة، ثدي صغير الحجم أو ثدي كبير الحجم. لقد رأيت الكثير من النسوة ذوات حجم الصدر A و يردن صدر ذا حجم D وبهذه العملية لا نظهر الصدر بصورة أجمل لأن الثدي يتلف مع زرعات الثدي الغير طبيعية

في تجميل الأرداف

وقال الجراح التجميلي "د. موهان رانغسوامي" في ما يخص جراحات تجميل الأرداف بأن الأرداف الممتلئة وذات الشكل الرشيق هي المفضلة لدى النساء. ولكن هناك بعض النساء ممن يحاولن الحصول عليها من خلال حقن الحشو "الفيليرز". الجراحون ذوو الخبرة الكبيرة في هذا المجال يعلمون أن الفيليرز المستخدمة لتعزيز شكل الأرداف لها احتمالية خطورة عالية باستثناء فيليرز حمض الهياليورونيك القابل للعكس. تعتبر الطعوم الدهنية أكثر أمانا والمفضلة للحصول على أرداف ممتلئة. فلقد واجه الدكتور موهان العديد من الحالات المحزنة من الفيليرز التي ذهبت على النحو الخاطئ. على سبيل المثال قررت امرأة تعزيز قوامها وشكلها الخارجي وذلك قبل زفافها ولجأت إلى حقن الفيليرز لأردافها مما أدى لاحقا إلى حدوث عدة جيوب ملتهبة، وألم مزمن، ونقاط متعددة لتفريغ القيح وبالتالي أصبحت حياتها بائسة للغاية.

وفي حادثة أخرى توغلت مادة الفيليرزالى الداخل وبدأت بالضغط على العصب الرئيسي وهو العصب الوركي للساق، مما سبّب لها ألم خفيف ولكن مزمن. للأسف هناك أشخاص يحرصون على حصولهم على أرداف جميلة باستخدام حقن الحشو وهناك سوق جاهزة في انتظارهم لكي يحصلوا عليها، وهو مزيج خطير.

في شفط الدهون

و حرص الجراح التجميلي "د. مايكل ساليفاريس" على زيادة الوعي والحرص في جراحات شفط الدهون وخصوصا في حالات الوزن الزائد وعرّف عملية شفط الدهون بأنها عملية إزالة للدهون المتجمعة حيث تعتبر الطريقة الأنجح لازالة الدهون العنيدة من مناطق الجسم المختلفة التي  تصعب إزالتها حتى بعد خسارة ملحوظة  للوزن أو مع ممارسة الرياضة. و قال الدكتور ساليفاريس: "إنه من الشائع استشارتي من كلا الجنسين الرجال والنساء الذين يبحثون و يأملون بأنهم بعملية شفط الدهون سوف يخسرون الكثير من وزنهم ويتحول شكلهم جذريا. فيعتبر سوء التفاهم هذا لغط كبير وقد حان الوقت لكي نقاوم و نقول لا وذلك استناداّ إلى حقائق طبية عديدة. و كثيرا ما استقبل في عيادتي مرضى يعانون من السمنة المفرطة ويبحثون عن حل سريع وفعال لكي ينقذهم من قساوة المجتمع عليهم وانتقادهم بشكل لاذع ودائما أنصحهم أن شفط الدهون ليس الحل لمشاكلهم الاجتماعية ولا الجسدية بل تغيير نمط المعيشة والالتزام بنظام غذائي صحي هو الخطوة الصحيحة إلى حل مشاكلهم الاجتماعية والصحية. وطبعا أنصحهم في حال وجود السمنة المفرطة باستشارة طبيب مختص في علاج البدانة ومناقشة المشكلة مع زملائي اخصائيي التغذية.

الخلاصة

إن للرأي العام تأثير كبير على حياة الإنسان فنحن نتعايش مع بعض على الكرة الأرضية وللإنسان أن يتحكم بمدى تأثير رأي الآخرين عليه شخصيا وعلى نفسيته وجسده ومظهره الداخلي والخارجي بصورة عامة. قد يكون الشكل عامل سلبي في حياة هؤلاء الأشخاص سواء مهنيا أو اجتماعيا أو أسريا، ونحن هنا لنساعد هؤلاء الناس لتحسين أشكالهم ولكن نحن نتبع قيم طبية عالمية من أجل السلامة واحترام الأخلاق المهنية، لن أقدم نتائج مميزة في شفط الدهون لسيدة يبلغ وزنها 150 كيلوغرام وبهذا سأكون غير صادق في تأدية مهنتي لذلك ننصح هؤلاء النساء بعلاجات أخرى كالتكميم وغيرها من التقنيات وننصحهن بأن العلاقات الأسرية يجب أن لا تكون مرتبطة بما نقدمه من خدمات تجميلية وإنما هي مكملة وليست أساس للسعادة.