إعادة اكتشاف الكتاب حكاية أخرى جديرة بأن تروى. فرانسواز جيرو الكاتبة الفرنسية و القامة الصحفية البارزة كانت قد دونت مذكراتها بعد محاولة انتحار فاشلة. صديقاتها اللواتي اطلعن على مسودات كتابها نصحنها بأن لا تنشر الكتاب. هكذا نحته صاحبته جانبا. دونت المذكرات هذه في العام 1960، كان لـ جيرو 44 عاما حينها. كان شريك حياتها و عملها الذي أسست معه الصحيفة المعروفة " الاكسبرس" قد انفصل عنها مؤخرا و طردها من عملها في الصحيفة التي اعتبرتها كابنه لها لم ترزق بها يوما. جيرو على حافة الحياة، تدون كل شيء عن الصحافة، عن عالم النشر و الكتابة، عن باريس بسياسييها و متسوليها. ولكن الكتاب سيعتبر منسيا و مختفيا حتى وقت قريب. كانت دار نشر غاليمار قد قررت، بعد عشر أعوام على وفاة الصحفية المرموقة، أن تستعيد بعضا من نصوصها. هكذا عاد الكتاب إلى الضوء. بين مواهب جيرو الكثيرة تبرز رشاقتها في رسم صور شخوص عصرها. بريشة سحرية راحت ترسم بورتريهات مشاهير عصرها من كريستيان ديور إلى فرانسوا ميتيران. هذه اللوحات جمعت وصدرت في كتابها "فرانسواز جيرو تقدم لكم كل باريس". جيرو إلى ذلك واحدة من السيدات القلائل اللواتي طبعا تاريخ الصحافة الفرنسية. ومن هنا تأتي أهمية مذكراتها التي تصدر أخيرا. "حكاية امرأة حرة" كتاب يجمع أناقة الأسلوب إلى قساوة الاعترافات. يحضر لحظيا في الكتاب عقل كاتبة واسعة الثقافة و الحضور، وقلب متألم لامرأة مهزومة. تسيل القراءة على سطور جيرو، كأننا نتصفح وجه مدينة طافية فوق ماء الزمن.