لم تكف السياسة لتقسم الشعب السوري بين مؤيد ومعارض، ليأتي برنامج "آراب آيدول" ويعزز هذا الانقسام.   منذ اليوم الأول، خطف فرح يوسف وعبد الكريم حمدان قلوب السوريين الذين كانوا ولا يزالون يعيشون وسط أزمة إنسانية وعسكرية وسياسية، ليجدوا فيهما ملاذاً آمناً وفاصلاً معنوياً لنسيان آلام الحرب.   مع بدء المرحلة النهائية وغناء المشتركين على المسرح مباشرة، نشرت الصفحات المؤيدة صورة لأحد أفراد الجيش الحر المعارض قال إنه شقيق عبد الكريم في أحد المعارك في حلب، الأمر الذي أثار موجة من الاستياء في أوساط المؤيدين للنظام السوري الذين حذروا المشترك السوري من رفع علم الثورة أو البوح بأي كلمة مناوئة للنظام، مهددة إياه بالقتل العلني، علماً أن عبد الكريم أبكى كل السوريين عندما كتب وغنى موالاً لحلب الجريحة.   في هذه الأثناء تم زج فرح يوسف في معادلة خاسرة عندما اعتبرها البعض نداً لعبد الكريم على اعتبار أنها بنت الساحل المؤيد للنظام. كثيرون لم يعلموا أن فرح خسرت منزلها في دمشق بسبب القصف، وعانت الأمرّين ونزحت وتشردت قبل أن تحط في بيروت برفقة أهلها.   فرح وعبد الكريم يحاولان الابتعاد عن بشاعة السياسة رافضين إبداء أي رأي، مصرين على أنهما يمثلان كل السوريين بعيداً عن الانتماءات والمعتقدات، وبالتأكيد تربطهما في بيروت صداقة عميقة.   من ناحية ثانية، واجه الاثنان موجة من الاتهامات من فئات معارضة بسبب اشتراكهما في برنامج غنائي في ظل سقوط عشرات الشهداء يومياً، متهمين فرح وعبد الكريم باللامبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية.   بالانتقال إلى حظوظ المشتركين السوريين، فإن اعتمادهما على شعبهما يبدو ضرباً من المستحيل رغم امتلاكهما صوتين عملاقين، خصوصاً أّن ملايين الناس باتوا لاجئين لا يملكون هاتفاً كي يصوّتوا لهما، عدا أن تفكير الغالبية ينصب في تأمين لقمة العيش بعيداً عن أي هدف آخر.   من ناحية ثانية، فإن مناطق واسعة من سوريا تعاني من غياب تغطية شبكة الهاتف منذ زمن، خصوصاً في أطراف المدن. ويبدو أمل فرح وعبد الكريم منصباً على السوريين المغتربين وباقي الشعوب العربية، سيما بعد الأصوات المصرية التي صدحت في الصفحة الخاصة بالبرنامج على الفايسبوك وطالبت بالتصويت لهما تكريماً وتقديراً للشعب السوري على التضحيات التي قدمها.   وأخيراً، فإن معظم المشتركين العرب يهللون ويحتفلون بأعلام بلادهم ما عدا السوريين الخائفين من رفع أي علم كي لا يحسبوا على طرف ضد آخر، خصوصاً أن سوريا باتت البلد الوحيد في العالم التي تحمل علمين. فهل يغسل أحدهما جروح السوريين وينال لقباً يبث السعادة التي غابت عن السماء السورية منذ أكثر من عامين؟   المزيد: محمد عساف رمز القضية الفلسطينية في “أراب آيدول2?