"الزواج بابن العم، وإلا لا للارتباط بأيّ شخص آخر". هذا باختصار ما تقوم عليه تقاليد أهل البدو في ما يخص عادات الزواج التي تقضي بأن يرتبط الفتى بابنة عمّه. وإذا رفضت، فيُمكن أن يمنعها من الزواج طوال حياتها. وفي حال كانت لا تزال تحت السن، فيجيرها أي يُعلن للحاضرين وللغائبين أنه يحجزها للزواج فلا يتقدم أحدٌ لخطبتها احتراماً له واقراراً بأحقيته في ذلك. وعُرفت تلك العادة عند البدو ولا تزال سائدة في بعض القبائل حتى اليوم. لكنّ قليلة هي الدراسات التي تناولت حياة القبائل البدوية أي الرُحل كما يطلق عليهم البعض، لما لهم من خصوصية في العادات والتقاليد قد لا يُدركها إلا أبناء المنطقة نفسها. للبدو أسرار غريبة، حيث تشكل الأسرة الخلية الأولى للقبيلة. في مقالنا اليوم سنضيء على بعض هذه التقاليد المشتركة لدى بعض القبائل وإن كانت لكل قبيلة خصوصيتها وأعرافها التي قد تشبه غيرها. سن الزواج يبدأ زواج البدويات في عمر مبكر قد يكون مع بداية البلوغ وما بعده، وتعتبر الفتاة التي تخطت العشرين ولم تتزوج في عداد المتأخرات بل العانسات وتكون مرّت  عادةً في ظروف خاصة منعتها من الزواج. أمّا الرجال، فيتزوج معظمهم قبل الثلاثين. ومن تخطى هذا العمر من دون إرتباط فتكون لديه أسباب واضحة، مثل صغر سن إبنة عمّه أو أنّه يكون عاشقاً لإحداهنّ من خارج القبيلة وينتظر الوقت المناسب لطلب يدها. الخطبة تشكّل أفراح البادية العربية موسوعة من المظاهر والطقوس التي فرضتها طبيعة الحياة التي يعيشها الأبناء لجهة الينابيع والوديان ودروب الصحراء. ورغم تباين الأعراس عند بدو العرب لتناثرهم بين أرجاء الجزيرة العربية، إلا أن هناك قواسم عديدة مشتركة تجمعهم. تبدأ قصة الزواج لدى أهل البدو (معظمهم على الأقل) وفقَ القاعدة الشرعية أي الإيجاب والقبول بحيث تسبقه مقدمات يقوم بها موفد سري من الخاطب إلى أهل الخطيبة ليأخذ رأيهم. وإذا تمّ القبول، يتم إعلان الخبر بواسطة وجهاء العشيرة. وتقضي تقاليد بل عادات الخطبة بأن يتحدث متقدم جماعة العريس (عادةً ما يكون أكبرها) بعد تقديم القهوة وشربها ليمهد للخطبة قائلاً "جيناك طالبين يد فلانة، ومن عندك إن شاء الله ما نعود خايبين" فيرد ولي أمر الفتاة "حياكم الله، القمر قدامكم والظلمة جفاكم" ليتم بعدها مباشرةً تحديد المهر الذي يكون مرتفعاً عادةً. إلا أنه قد يراعي أحياناً القدرة المالية ومنزلة الفريقين من الوجهة الاجتماعية، ثمّ تقرأ الفاتحة ويذبح أهل الخاطب ذبيحتهم. وفي الغالب، يكون المهر عبارة عن حلي ذهبية وخيمة، إضافةً إلى مجموعة من رؤوس الإبل والأغنام. فالمرأة بعد الزواج تحذر من غدر الزوج وتقلبات الدهر بالتمسك بمهرها من الإبل والأغنام في تصريف أمور حياتها وحياة أولادها المعيشية. وتشكّل موافقة العروس على الزواج من طالبها في البدو حالة خاصة، فإذا كانت بكراً في الأسرة لا يؤخذ برأيها، أمّا إذا كانت ثيباً (إمرأة فقدت زوجها أو طلقت) فلا بدّ من سؤالها وأخذ رأيها ورضاها بالزواج ممّن تقدّمَ لها. الزواج في الغالب، لا يتزوج البدو اليوم إلا بعد أن يرى الرجل الفتاة وتراه هي بعكس ما كان في الماضي. وبات يمكن للعروسين أن يتبادلا الأحاديث العامة والخاصة ومنها ما يدور في بالهما حول الزواج. ويُعتبر الصيف أو القيظ أكثر الفصول إقامة للأفراح. ويبدأ الفرح في البادية ليلة الخميس، ويدوم في العادة سبعة أيام بلياليها. ولا يوجد أي إختلاط عند البدو في حفلات الزواج، فالنساء يحتفلن بعيداً عن الرجال، أما الرجال فيلعبون بما يعرف حالياً بالدحه أو الدحيه. وأخيراً تكون ليلة الدخلة بعد منتصف الليل حيث يقوم أقرباء العريس بإطلاق مجموعة من الأعيرة النارية إيذاناً بذهاب العريس ومغادرته الحفل إلى عروسه. ويرافقه أفراد عائلته إلى خيمة العروس (الحجبة) ويكون في إستقبالهم على باب الخيمة أهلها وهم يقدمون الطيب والبخور. ثم يجتمع الجميع داخل الخيمة ويدعون للعروسين بالتوفيق قبل المغادرة لتنتهي بذلك مراسم الزواج. ويرمز وجود عصابة على رأس المرأة البدوية إلى أنّها متزوجة. للمزيد: تقاليد الزواج والزفاف: ماذا عن العروس الأردنية؟ تقاليد تعطير العروس قبل الزفاف، في السودان وتركيا والجزائر!