بين خالد صالح وخالد الصاوي صداقة عمرها يقترب من 30 عاماً. بدأ الاثنان المشوار معاً قبل ثلاثة عقود في مطلع الثمانينيات على مسارح فرق الهواة في القاهرة حيث شاركا في بطولة مسرحية "الغفير" التي قدماها على مسرح الجامعة. وبدأ كل منهما يشقّ طريقه في عالم الاحتراف بأدوار صغيرة حتى التقيا قبل 14 عاماً في الحلقة رقم 25 من مسلسل "أم كلثوم". بالطبع، تابعت المسلسل كاملاً عندما عرض للمرة الأولى عام 1999 لكنّي في تلك الحلقة وجدت نفسي منجذباً إليهما. كان خالد صالح يقف للمرة الأولى أمام الكاميرات في التلفزيون حيث يؤدي دور الشاعر الكبير مأمون الشناوي. بينما خالد الصاوي قد سبقه بخطوات قليلة، فأسندت له المخرجة إنعام محمد علي دوراً أكبر في مساحته حيث أدى شخصية الصحافي الكبير مصطفى أمين. تتبعت الخالدين في المساحة القليلة لهما في تلك الحلقة، ثم قفزت 10 سنوات لأجدهما في رمضان وقد صارا يقفان في مقدمة الصف بين جيلهما على الشاشة الصغيرة بعدما أصبحا نجمين في حالة إبداعية مميزة، وأكدا صدارة "الخالدين" في موقع متميز على الخريطة التلفزيونية. ورغم أنّ المواصفات المتعارف عليها والتقليدية للنجم لا تنطبق على أي منهما، إلا أنّهما استطاعا فرض قانونهما الخاص على الوسطين السينمائي والتلفزيوني. قرأت أكثر من مرة أنّ الخالدين ــــــ الصاوي وصالح ـــــ سوف يجتمعان قريباً في فيلم واحد، واستبشرت خيراً، فهما من أكثر النجوم قدرة على الانتقاء الفني ويقبع داخلهما صوت الممثل الذي يعلو دوماً على صوت النجم. في هذه الرحلة، لديهما إخفاقات بلا شك، إلا أنّنا أمام فنانين نحترم توجّههما. أتصوّر أنّهما قد حسما معركة النجومية بمدلولها القاسي والقاصر الذي يعني اختيار فيلم مصنوع فقط على مقاسهما. كلّ منهما ذو قدرة على الانتقاء ولا يقف فقط منتظراً البطولة. مثلاً، شاهدتُ خالد الصاوي قبل عامين في فيلم "الكبار" بطولة عمرو سعد وقد قدم دوراً مميزاً بينما يلعب خالد صالح دوراً رئيسياً في فيلم "ابن القنصل" بطولة أحمد السقا ويعرض له كبطل منذ نحو شهر فيلمه "فبراير الأسود"، بينما خالد الصاوي كان بطلاً لفيلم "الفاجومي" الذي عرض قبل عامين متناولاً حياة الشاعر أحمد فؤاد نجم. نعم كل منهما تعرض عليه البطولة، إلا أنني أعتقد أنّ مساحة الاختيار تتيح لكل منهما أيضاً أن يقف بجوار نجم جماهيري مثل حلمي، السقا، كريم لاقتناص دور لا يشغل بالضرورة المساحة الأكبر على الشاشة ولكنه بلا شك يترك مساحة لا تمحى من الذاكرة. بدايات خالد الصاوي وخالد صالح كانت ملفتة جداً في أدوارهما الصغيرة. أتذكر مشهداً لخالد صالح  في فيلم "محامي خلع". كنت حاضراً مع كل من الراحل الكاتب الكبير عبد الحي أديب والمخرج الكبير توفيق صالح والناقدة الكبيرة ماجدة موريس في أحد اجتماعات لجنة المهرجانات التابعة لوزارة الثقافة. وفجأة شاهدنا لقطة واحدة لخالد صالح يؤدي دور قاض. قلنا جميعاً في اللحظة نفسها: كيف لهذا الممثل الناشئ أن يمتلك كل هذه الطاقة التعبيرية؟ بعدها شاهدنا خالد الصاوي في مشهد مع أحمد حلمي في "كده رضا" بدور الطبيب النفسي مع ملك الكوميديا الجديد. استطاع الصاوي أن يصبح هو مفجر الضحك في هذا المشهد. في فيلم "الفرح"، قدم خالد الصاوي مشهداً بعدما علم بموت أمه، فكان يبدو في أدائه الدرامي كأنه يجسد بيت الشعر الشهير "كالطير يرقص مذبوحاً من الألم". الخالدان الصاوي وصالح يلتقيان بعد أيام في بطولة فيلم "الحرامي والعبيط" للكاتب أحمد عبد الله والمخرج محمد مصطفى. منذ مشاهدة "التريلر" الدعائي، تستشعر أنّ كل من النجمين يشغله النجاح في العمل الفني، وليس تفوقه على زميله. إنه حلم قديم لفنانين انطلقا في أدوار صغيرة. وعندما صارا نجمين، قررا تدعيم الصداقة بعمل فني أنتظره في الأيام القادمة وأتصور أنّكم أيضاً مثلي تنتظرونه!