تحمل اسم «أفروديت» وإذ أنها جزيرة خارقة الجمال. وتبدو الصخور المنحدرة والمتهدمة والتي تطل على البحر بالقرب من بترا تو روميو جنوب غرب قبرص غير جلية. وتقول الأسطورة إن إلهة الجمال والحب قد نشأت في هذا الشاطىء المنعزل المليء بالحصى من الأمواج المتكسرة وهي عارية الجسد، وليس ببعيد تقع مدينة بافوس القديمة. وفي العصور القديمة كان هنا – بالقرب من قرية كوكليا – مركز عبادة أفروديت، وكان يتم هنا تنظيم مسابقات موسيقية ومسرحية، غير أنه لم يتبق من المعبد الكثير لرؤيته، حيث تهدم بفعل زلزال ضرب المنطقة، ولم يتبق منه سوى بعض القواعد وأطلال الأسوار. وتُعد فسيفساء العصور القديمة والتي يمكن مشاهدتها في الحديقة الأثرية أكثر أهمية من الناحية التاريخية الثقافية. وتعتبر الحديقة المدرجة على قائمة التراث العالمي أهم المعالم السياحية بالمدينة والتي تحولت منذ عقد الثمانينيات من قرية صيادين هادئة رتيبة إلى قلعة سياحية تنبض بالحياة والحركة. ويتجول السياح في بعض المناطق على معارض فنية خشبية، وبذلك يقع عالم الآلهة تحت أقدامهم بمعنى الكلمة. وهنا أيضاً تظهر أفروديت: في إحدى الفسيفساء يصبح «نرجس» حياً، ذلك الفتى الذي أحب نفسه لدرجة جعلته يرفض أن يبادل الحورية الفاتنة «إيكو» الحب، فحزنت كثيراً ثم فارقت الحياة بعد ذلك. وكعقاب له تركته أفروديت يفني نفسه من حرقة الشوق لنفسه. وتتسابق محال الأسماك والمقاهي المطلة على ميناء بافوس النابض بالحركة للظفر بالضيوف. وعلى مقعد مريح يمكن متابعة الحركة الدؤوبة في الميناء جيداً. وفي الغالب ترسو هنا يخوت خاصة، بينما تقف بعض القوارب ذات الأرضية الزجاجية في انتظار الزبائن. وقد انخفضت الثروة السمكية في المياه الساحلية بشدة بسبب الصيد الجائر للأسماك، أن العديد من الأسماك في المحال التجارية والتي تروج لها بأنها طازجة جاءت إلى الجزيرة كأسماك مجمدة من مناطق أخرى تماماً. وتتشكل صورة مدينة بافوس أيضاً من الفنادق ذات الأسماء الأكثر أو الأقل خيالاً والتي تصطف إلى جانب بعضها البعض على الساحل كحبات لؤلؤ في عقد. وفي صعيد مدينة بافوس يُشكل السكان المحليون أغلبية، حيث تقل حركة السياحة هناك. ومن يرغب، يمكنه هنا زيارة سوق الخضروات والفواكه. وتقدم المقاهي والحانات المنتشرة هنا الأطعمة التي تشتهر بها البلد مقابل أسعار مناسبة. وبالطبع توجد هنا أيضاً المقبلات المعروفة باسم «المَزة» والتي لا تخلو تقريباً من الزيتون والبطاطس المحمرة على الأسياخ والخضروات النيئة والمسلوقة والجبن الحلومي (جبن الماعز الصلب). وفي اليوم التالي يواصل السياح المسير باتجاه الشمال إلى شبه جزيرة «أكاماس». وسرعان ما تبرز كنيسة «أجيوس جورجيوس» والتي تستقر على ربوة فوق ميناء صيد صغير. وعند رأس «كاب دريبانو» ينتهي الشارع الأسفلتي ويتحول إلى طريق مليء بالحصى والأحجار. ولمواصلة المسير ينصح باستقلال سيارة للأراضي الوعرة. ومن الأفضل ركوب دراجة جبلية أو ارتداء أحذية التجول. ومن المعالم السياحية الشهيرة التي تضمها شبه جزيرة «أكاماس» أيضاً بين أركانها «حمام أفروديت»: فهنا فقط يزول سحر الهدوء والسكينة، حيث تتدفق الأفواج السياحية والعرسان الجدد التي تحط حافلاتها الرحال هنا صوب «نبع الشباب» الذي يقع في تجويف صخري وافر الظلال. وتقول الأسطورة إن إلهة الحب أفروديت استحمت هنا ووقعت في غرام الفتي أكاماس. وبحسب الأسطورة المتوارثة يكفل هذا النبع لزواره السعادة في الحب والجمال الخالد ونعمة إنجاب أطفال كثيرين.