مَن تسبق الأخرى؟ قالت داليا أنا. وقالت أنغام أنا. في النصف الأول من حلقات مسلسل "في غمضة عين"، تصدرت أنغام التترات وكتمت داليا مشاعر الغضب. وفي النصف الثاني، تصدّرت داليا ولم تهدأ أنغام. من الواضح أنّ داليا استندت إلى شروط تعاقدها مع شركة الإنتاج التي تقضي بأن تسبق الجميع، ولهذا سارعوا في النصف الثاني إلى تغيير مقدمة المسلسل لصالحها. لقد أصبح الموقف بين النجمتين كأنه يسير على إيقاع أغنية المطرب الشعبي أحمد عدوية "حبة فوق وحبة تحت"! كثيراً ما تثير كتابة الأسماء على التترات معارك بين النجوم، خصوصاً عندما يعتقد كل واحد أنّه هو الذي يترقبه الجمهور، ولهذا ينبغي أن يتصدر التترات ويسبق الآخرين. في العديد من المسلسلات ذات النجم الواحد، تحسم المعركة يسرا، عادل،  سلاف، إلهام، الفخراني، السقا، كريم، جمال سليمان، نور، فهذه مسلسلاتهم. لكنّ الأزمة تحدث عندما تشترك مثلاً كل من فيفي عبده ونبيلة عبيد معاً في "كيد النسا2". ولهذا رأينا في رمضان الماضي الاسمين والصورتين معاً وينبغي ألا يعرف المشاهد أيّهما تسبق الأخرى وكُتب اسم فيفي في البداية. ولكي يرضوا نبيلة، وجدوا الحل بأن يكتب اسم نبيلة في النهاية ويسبقه هذا اللقب "كل هؤلاء النجوم يلتقون مع نجمة مصر الأولى نبيلة عبيد"! في مسلسل "طرف ثالث"، تساوى في الجاذبية الثلاثي عمرو يوسف، ومحمود عبد المغني وأمير كرارة. هكذا تصدروا التترات ولا تستطيع أن تحدد من الأول. في مسلسل "مع سبق الإصرار"، حسم الأمر لصالح غادة عبد الرازق، فهي صاحبة المسلسل، لكن هناك ماجد المصري وطارق لطفي. أيهما يسبق الآخر؟ وكان الحل أن يكتب اسم طارق لطفي في نهاية التترات يسبقه لقب "مع النجم". قبل عامين، أثيرت مشكلة مماثلة في مسلسل "حرب الجواسيس سامية فهمي". برغم أنّ كل الأطراف اتفقت وقتها على التكذيب، إلا أنّ الجميع كان يدرك أنّ هناك اشتباكاً حول من يسبق الآخر في تترات المسلسل: هشام سليم أم منة شلبي؟ كتابة الاسم على الأفيش والتترات كانت وستظل مأزقاً للجميع لأنّنا لا نطبق قاعدة اسمها "هات م الآخر" والآخر هو الأجر. فمن يحصل على أجر أكبر يسبق الثاني. بالتأكيد إنه هو الأكثر جاذبية لدى الجمهور. بالطبع، لا يمكن التعامل مع هذا الأمر بهذه البساطة، ولا بهذا الوضوح الرقمي. هناك دوماً ممانعة مبدئية تحول دون الاعتراف بذلك، حتى أنّ كثيرين يشككون في الأجر بوصفه مقياساً لجاذبية الفنان الجماهيرية. إنه يظل أمراً محيراً. من حق كل فنان أن يتشبث بموقفه رغم أنّ الواقع يفرض قانونه في نهاية الأمر وهو أنّ النجم الذي يتم البيع باسمه هو فقط الذي يملي شروطه ويأتي اسمه سابقاً الآخرين وهو الذي يملك أن يتنازل لو أراد ذلك. مثلاً في فيلم هاني رمزي "ظاظا رئيس جمهورية" الذي أصرّت الرقابة المصرية على أن يصبح اسمه "ظاظا" فقط، طلب هاني أن يسبقه في التترات  الراحل كمال الشناوي. ولو لم يصر هاني على ذلك، لما استجابت شركة الإنتاج. أتذكر أنني سألت عمر الشريف كيف وافق على أن يتقدمه اسم عادل إمام في تترات فيلم "حسن ومرقص"، فقال لي إنه هو الذي اقترح ذلك على شركة الإنتاج. وأضاف: "لاحظت أنّ عادل يريد أن يسبقني وح يبقى مبسوط أنا مش ح تفرق معايا، ثم هو أيضاً له جمهوره في مصر ولهذا قلت لهم اسمي بعد عادل". ببساطة وأستاذية تعامل عمر الشريف مع  قانون السوق المصري. النجوم الكبار أمثال جاك نيكلسون لا يتشبثون بأن يسبقون على الأفيش نجوماً مثل ليوناردو دي كابريو أو توم كروز أو براد بيت! من المعارك الشهيرة في كتابة الأسماء فيلم "عمارة يعقوبيان". تتابعت الصور على الأفيش، لكن ظل لاسم عادل إمام خصوصية. كان نور الشريف يشارك عادل البطولة في السبعينيات وكان اسمه يسبق عادل في كل اللقاءات المشتركة بينهما، لكنّه كان يقول إنّه منذ الثمانينيات إنّ اسم عادل صار أعلى في التسويق ولهذا "يسبقني على الأفيش". تعامل نور مع الموقف باحترافية ولكن ليست هذه هي القاعدة. مثلاً في مسلسل "زيزينيا" الذي عرض قبل نحو 15 عاماً، احتدمت المعركة بين آثار الحكيم وفردوس عبد الحميد، فما كان من فردوس سوى حذف اسمها تماماً من التترات حتى لا تسبقها آثار. الكل يعتقد أنّ المشاهد يدقق في ترتيب الأسماء، والحقيقة أنّ المتفرج يعيد ترتيب أسماء النجوم بعد نهاية العرض وفقاً لإجادتهم على الشاشة، لا أعتقد أنّ مسلسل "في غمضة عين" سوف ينهي ببساطة تلك المعركة حتى لو وجد الحل السحري المؤقت في اللجوء إلى قانون "حبة فوق وحبة تحت"!