حالة من الرفض الممزوج بالدهشة والتي تصل إلى حدود الاستنكار تقرأها وتشاهدها بمجرد نشر خبر إسناد دور سعاد حسني في فيلم "الزوجة الثانية" لصلاح أبو سيف إلى الممثلة الصاعدة دينا فؤاد واعتبروها مخاطرة، ورأيي الشخصي أن الإقدام على تحويل هذا الفيلم الرائع إلى مسلسل هو المخاطرة الكبرى.   الشخصيات الدرامية في هذا الفيلم من الصعب أن تختفي أو تتبدل في ذاكرة المشاهدين. الحقيقة أن المخرج صلاح أبوسيف هو النجم الذي وقف وراء الكواليس حيث إنه استطاع أن يستخرج من ممثليه أفضل ما لديهم فقدموا أدواراً لا تنسى تشعر بأنه لا يمكن استبدالهم بآخرين. بعض المخرجين يحيل الممثل إلى أداة لتنفيذ ما يريده وبدقة بل وكثيراً ما يمثل أمام الممثل الشخصية مثل حسن الإمام ويوسف شاهين وعاطف سالم وحسين كمال وهناك أسلوب آخر في ترك مساحة للإبداع والإضافة للممثل وكان هذا مثلاً منهج المخرج كمال الشيخ. يوماً ما سألت  المخرج صلاح أبو سيف عن أسلوبه في قيادة ممثليه أجابني ضاحكاً "التمثيل مسئولية كل ممثل" وأضاف أعقد جلسات عديدة مع الممثلين تسبق التصوير وفي تلك البروفات تنضج الملامح  والتفاصيل الخاصة بالشخصية وقال لي أنه يعتقد أن أهم مرحلة في الفيلم بعد كتابة السيناريو وهي تسكين الممثلين في الأدوار الملائمة ويترك للممثل أثناء التصوير أكبر مساحة من التلقائية والعفوية أمام الكاميرا.   في فيلم "الزوجة الثانية" ستجد أن هناك قدر من الالتصاق بالشخصية وتلك هي المشكلة. هل من الممكن أن يأتي مثلاً باسم سمرة ويعيد شخصية العمدة عتمان التي ارتبطت لدى الناس بصلاح منصور لا يستطيع أن يقلده ولا يجوز أيضاً أن يبتعد عنه، في الحالتين  أراه رهاناً خاطئاً. الدور الثاني حفيظة زوجة العمدة الذي أدته سناء جميل ببراعة لا تضاهى، سيظل المأزق هو هل تقدم علا غانم الدور وبأي زاوية رؤية. وتأتي بعد ذلك فاطمة التي لعبتها سعاد حسني وزوجها أبو العلا الذي أداه شكري سرحان تم إسناد دوريهما في المسلسل إلى دينا فؤاد وعمرو واكد الأمر شديد الالتباس والخطورة.   لماذا يلجأ الكثيرين لإعادة تقديم أعمال درامية ناجحة. الحقيقة هي أن القانون في سوق الفيديو يقضي بأن التجربة التي تنجح تخلق على الفور نهماً لإعادتها وهكذا شاهدنا مثلاً إعادة لفيلم "سمارة" في مسلسل بطولة غادة عبد الرازق وذلك بعد نجاحها في إعادة "الباطنية"، النجاح السابق للباطنية هو الدافع وراء "سمارة"  ولكن الحقيقة أن هناك شخصيات درامية من الصعوبة أن يتقبلها الناس ثانية مهما برع الممثل الجديد في الأداء. كما أن الجمهور على الجانب الآخر  سيضع الممثل في مقارنة ليست في صالحه، سيصبح "ترمومتر" نجاح الممثل أو إخفاقة هو مدى اقترابه أو ابتعادة عن الأصل السينمائي.   قبل نحو أكثر من ربع قرن قدم المخرج التليفزيوني يوسف مرزوق مسلسل "الثلاثية"  لنجيب محفوظ وإخراج حسن الإمام اكتشفنا أن الناس لم تنس السيد عبد الجواد "يحيى شاهين" وأمينة  "آمال زايد" فهما دوران حفرا تواجداً لا يمحى في مشاعر الناس، أسند المخرج الدورين لفنانين كبار هما محمود مرسي وهدي سلطان ورغم ذلك فلم تكن التجربة على الإطلاق لصالحهما.   الشخصية الدرامية التي تتحول لعنوان وأسلوب لا يمكن إعادتها مثلاً كمال الشناوي في فيلم "المرأة المجهولة" إخراج محمود ذو الفقار ودوره عباس أبو الدهب أعاده نور الشريف قبل أكثر من عشرين عاماً سألت نور عن الفارق فقال لي لا وجه للمقارنة إنه بلا جدال دور كمال الشناوي.   بعض الأدوار وليس الأعمال الفنية فقط لا يمكن أن نرى فيها سوى الفنان الذي أداها مثلاً شفاعات في "شباب امرأة" لصلاح أبو سيف بطولة تحية كاريوكا حاولوا قبل عامين إعادته وأسندوا الدور لرانيا يوسف وبعد ذلك تراجعوا وكان قراراً حكيماً لأنه لا يمكن أن تعيد أي ممثلة شفاعات. محجوب عبد الدايم في "القاهرة 30" صار على عنوانا لحمدي أحمد أما سناء جميل فلها عنوانان دوري حفيظة "الزوجة الثانية" ونفيسة "بداية ونهاية". الزوجة الثانية من الشاشة الكبيرة للصغيرة كل المؤشرات تؤكد أنه سيصبح مسلسلاً صغيراً حتى على الشاشة الصغيرة!!