روتردام، ثاني أكبر المدن الهولندية، وهي جديرة بالتوجه إليها مباشرة دون المرور بأمستردام، غير أن سكان روتردام يحبون دوماً أن يعقدوا مقارنة بين مدينتهم وأمستردام ويحرصون على إشعال المنافسة بينهما؛ حيث تلتهب حوارات الدردشة التي يجريها السائح مع أهل المدينة حينما يلمح لهم أنه قادم لتوه من أمستردام أو قد يزداد ضيقهم إذا ما علموا برغبته في مواصلة السفر إلى هناك عما قريب. هنا تقع المقاهي التي ينعم فيها السائح بالراحة والهدوء أمام المنازل ذات الطراز المعماري الجريء الذي يمتاز بتصميمه ذي الحواف والذي وضعه المهندس المعماري بيت بلوم عام 1984. وتمتد باقة المباني التي تتلألأ بها المدينة من جسر إرازموس الأيقونة مروراً «بوورلد بورت سنتر» من إبداع المعماري البريطاني الشهير السير «نورمان فوستر» والفرع الرئيسي لشركة الاتصالات KPN ذي التصميم «المائل» من إبداع المعماري الإيطالي الشهير «رينزو بيانو» وصولاً إلى أحدث ناطحتي سحاب، ألا وهما «نيو أورليانز» من إبداع المعماري البرتغالي «ألفارو سيزا» و«روتردام» من إبداع المعماري الهولندي «ريم كولهاس»، واللتان تحيطان بالفندق العتيق «نيو يورك» والذي كان فيما مضى المقر الرئيسي لشركة الملاحة «هولاند أمريكا لاين». ويتيح برج «يوروماست» أجمل وأروع إطلالة على «مانهاتن على نهر الميز». وصحيح أن هذا البرج الذي تم تشييده عام 1960 خصيصاً بمناسبة افتتاح المعرض الدولي للبستنة «Floriade»، لم يكن مميزاً من حيث الارتفاع الشاهق على المستوى الأوروبي، إذ لا يزيد ارتفاعه على 185 متراً، إلا أن عنصر تميزه وتفرده يتمثل في موقعه الخيالي؛ حيث يتيح إطلالات غاية في الروعة والجمال يصل مداها إلى بحر الشمال. وبالأسفل يُفضل أن يذهب السياح إلى رصيف ميناء «سيارات الأجرة المائية» القريب من هنا. وتنطلق هذه السيارات الصغيرة ذات اللونين الأصفر والأسود والتي يقودها في الغالب عمال بالميناء كبار في السن بسرعة جنونية عبر الشوارع المائية. وتُعد باخرة «SS Rotterdam» العابرة للمحيطات من أكثر الوجهات التي تقصدها سيارات الأجرة المائية، وقد سافر على متن هذه الباخرة منذ عام 1958 ركاب موسرين إلى نيويورك وفيما بعد إلى وجهات بعيدة في أعالي البحار. والآن وبعد أعمال الترميم والتجديد التي تقدر تكلفتها بالملايين ترسو الباخرة دوماً مثبتة جيداً برصيف الميناء، ويتم استغلالها كفندق ومتحف ودار للضيافة والحفلات. ويُعد شارع البارات والذواقة «ويته دي ويزسترات» محبباً لدى عشاق الحفلات؛ حيث يزخر الشارع بالمطاعم التي تقدم للزبائن ما لذ وطاب بدءاً من المطبخ الإيطالي الفاخر وصولاً إلى الوجبات السريعة بالمطاعم الإندونيسية الصغيرة. كما تلعب الأندية التي تزخر بها روتردام دوراً كبيراً في رسم ملامح الصورة المأخوذة عن المدينة باعتبارها مركزاً للشباب والإبداعات الدائمة لفن «الدانس فلور». ومن "البقاع الساخنة" بهذا الشارع صالة الديسكو الشاسعة «أوف كورسو» أو نادي اللايف باند «روتاون» التي تحيي فيه الفرق الموسيقية حفلات حية. وهنا أيضاً يسري ما يلي :يضع سكان روتردام مدينة أمستردام نصب أعينهم لكي يجعلوا الأجواء الاحتفالية بمدينتهم أكثر روعة نوعاً ما. وتُوج السعي الدائم إلى كل ما هو جديد بافتتاح أول «ديسكو صديق للبيئة» في العالم عام 2008. ويرفع الديسكو «كلوب وات» شعار «نريد طاقتك»، وانطلاقاً من هذا الشعار يسهم رواد الديسكو في تغطية جزء من احتياجات الطاقة، وذلك من خلال الوطأ بأقدامهم بقوة على مساحات الرقص الكهروميكانيكية. ويستدل على حجم الطاقة الذي يتمكنوا من توليده من خلال إضاءة مصابيح الدايود المركبة بمساحات الرقص. فهنا أيضاً يسري شعار «لا تثرثر، وإنما اعمل!». اقرئي أيضاً: ماليزيا: رحلة إلى جزيرة صباح كتاب عن الأطعمة المنشطة عاطفيا وجنسيا