حرصت النجمة العالمية ناعومي واتس على إعلان سعادتها بتأجيل تصوير فيلمها الجديد "ملكة الصحراء" لأنها ستتمكن من قضاء وقت أطول مع ابنيها الكسندر وصمويل وزوجها الممثل ليف شرايبر وقالت حان الوقت لكي أكون في منزلي بجوار أطفالي. الفن أم الحياة؟ إنه سؤال كثيراً ما يتردد في حياة كل المبدعين.. لا شك أن الإنجاز الفني يمنح الإنسان حياة بعد الحياة ولكن لا ينبغي أن ننسى أن الفنان أحياناً يتوق لكي يعيش كل تفاصيل حياته الخاصة والحقيقة أن أكثر فنانة عالمية تحرص على تأكيد هذا هي ميريل ستريب النجمة الأمريكية والتي رصع تاريخها الفني بثلاث جوائز "أوسكار"، سألوها ما الذي تتمني أن يكتب على قبرك أجابت لا أحب أن أرتبط بمجال عملي – تقصد أفلامها وجوائزها – ولكن هي شخصيتي أكثر الأشياء التي تتحدث عني ولهذا فأنا أريد تسجيل نفسي في ذاكرة الناس كامرأة وأحب أن يكتب على قبري هذه الفنانة مثلت أدواراً متعددة كانت بالنسبة لحياتها أدواراً ثانوية. "ميريل" لا تريد أن يذكر لها الناس مثلاً فيلم "كرامر ضد كرامر" تريدهم أن يعتبروا كل ما حققته في حياتها من أعمال فنية هو جزء مكمل للصورة، رتوش على اللوحة أما اللوحة التي تعتز بها فإنها الإنسان ترنو أن تستمتع بالحياة بكل تفاصيلها كأم وزوجة ومشاركة في كل ما يجري في العالم.. إن المعنى المضمر فيما ذكرته "ميريل ستريب" هو أن البعض يستغرقه الفن عن معايشة الحياة ينسى أنه إنسان خلق لكي يعمل ويسعد الآخرين إلا أن عليه في غمار الحياة التي لا تتوقف معاركها أن يعلم أن العمل ليس هو كل شيء في الوجود.. بالطبع الناس لا يعنيها في نهاية الأمر هذا الفنان ما الذي فعله في حياته تزوج أو تزوجت هل أنجب هل اهتم بتربية أبنائه. ما يعيش في ذاكرة الناس هو بالتحديد ما قدمه من إبداع أغنية، فيلم، مسرحية.. الفنان في مقياس الناس هو أداة لتقديم الأعمال الفنية إلا أنه في مرآة نفسه عليه خارج هذا النطاق واجبات ينبغي أن ينجزها.. وهكذا مثلاً نرى الفنانين الكبار لا يشاركون فقط في قضايا وطنهم بل وقضايا العالم كله، ألم يذهب مثلاً "جورج كلوني" إلى "دارفور" ألم يسجل اعتراضه على ما يجري في العراق وغزة إنه الإنسان الذي يعيش الحياة بكل تفاصيلها.. صحيح أن "جورج" مثلاً لم يتزوج حتى الآن رغم أنه وصل إلى نهاية العقد الخامس من عمره إلا أنه يعيش الحياة بعيداً عن دائرة الفن المغلقة ويحرص على أن يحلق بأحلام وأفكار تجاوزت الفنان المشغول فقط بصراعاته لتأكيد نجوميته على خريطة الفن السابع، أنجلينا جولي شاهدناها على الحدود السورية وقبلها الليبية.. أغلب نجومنا العرب تستغرقهم الصراعات الشخصية والفنية ولا يتبقى لهم شيء خارج تلك الدائرة المحكمة الإغلاق. نعم الإنسان خلف الفنان ربما لا يذكره الناس بعد أن تنتهي رحلته مع الحياة لكن الفنان ينبغي أن يمنح الإنسان بداخله فرصة لكي يعيش الحياة!! لمن أهدي هذه الحكاية؟! إلى كل فنان يغرق 24 ساعة في حياته الفنية وينسى أن الإنسان لديه حق أن يعيش الحياة.. أهدي الحكاية إلى عشرات من الفنانين منحوا الإنسان داخلهم إجازة مفتوحة ولم يعرفوا سوى أن يتذكرهم الناس فقط من خلال إبداعهم.. كان الموسيقار محمد عبد الوهاب يقول فني ثم فني ثم فني. هل ترى عزيزي القارئ أن عبد الوهاب عنده حق أم أن ميريل ستريب وناعومي واتس وجورج كلوني وأنجيلينا جولي هم أصحاب الحق؟!