مثل كل شيء يبدأ كظاهرة تسيطر على الشاشة الصغيرة، هكذا من الممكن أن ترى هذا الهجوم الكاسح من نجوم التمثيل على الفضائيات، ثم يتضاءل مع الأيام تواجد هذا العدد الضخم من النجوم الذين صاروا يشغلون حالياً مساحة غير مسبوقة تنافس انتشار المسلسلات التركية!! أشعر أن تقدم نجومنا بطلب حق اللجوء للشاشة الصغيرة والعمل كمقدمي برامج هو رد فعل لحالة القحط الدرامي التي انتقلت من السينما للتليفزيون حيث يشهد الموسم هذا العام تراجعاً في عدد الأفلام والمسلسلات المنتجة بينما هناك انتعاشة برامجية فلا بأس من أن نرى نجومنا جميعاً وقد تحولوا مؤقتاً إلى مقدمي برامج. هل اكتشفوا فجأة أنهم مهيئون لكي يصبحوا مذيعين وأن هذه هي رغبتهم الأولى ولكن مكتب التنسيق بسبب ضعف المجموع أحالهم إلى قسم التمثيل والآن بعد أن أعادوا السنة وحسنوا درجاتهم في الشفهي والتحريري قرروا تحقيق رغبتهم الأولى؟! بالطبع حالة التهافت على تقديم البرامج والتي لا تستطيع أن تفصلها عن مشاركة المطربين في البرامج الغنائية في لجان التحكيم هي أيضاً وجه آخر لتلك الحالة من تراجع الحفلات الغنائية وتوقف أغلب الشركات عن إنتاج الكاسيت فتحولوا إلى محكمين  في تلك البرامج التي تتطلب أيضاً أن يرتدي كل منهم في مواقف عديدة زي مقدمي البرامج. الظاهرة قديمة ولكنها كانت في الماضي مجال إضافي للعمل الآن أصبحت هي النشاط الأساسي شاهدنا في الأسابيع الأخيرة هاني رمزي وهالة صدقي ومحمد هنيدي و لدينا أيضاً برامج ننتظرها من صابرين وسمية الخشاب وآثار الحكيم وقبل ذلك نيكول سابا وأيمن زيدان ودريد لحام وأحمد آدم ومدحت صالح وشريف منير ونور الشريف وغادة عادل وهنا شيحة ورامز جلال ومصطفى فهمي وأحمد السقا وغادة عبد الرازق وهالة فاخر وهند صبري  والمخرجتان إيناس الدغيدي وساندرا نشأت وغيرهم. عندما تسألهم تستمع إلى إجابات متعددة ما عدا واحدة فقط وهي الحقيقية لن يقولوا أبداً إنه الإغراء المادي.. تدفع الفضائيات الكثير لهؤلاء النجوم لإقناعهم بالعمل كمذيعين.. السبب الثاني غير المعلن أيضاً هو أن فشل الفنان في العمل كمذيع لن يؤثر بالسلب على موقعه الفني.. فهو لا يلعب بطولة عمل درامي ولكنه مجرد مذيع.. التأثير السلبي الوحيد هو أنهم لن يستعينوا بهم مرة أخرى ولو فعلوها ثانية فسوف يهبط سعرهم في دنيا المذيعين!! الظاهرة موغلة في القدم حيث إنه في بداية عهد التليفزيون المصري أي إننا نتحدث عن أكثر من 50 عاماً فعلها كمال الشناوي ثم خفت تواجد النجوم حتى جاءت الثمانينيات لنرى أسماء مثل حسن مصطفى والمنتصر بالله ثم حدث توقف وبعد ذلك شاهدنا حسين فهمي، فاروق الفيشاوي، أشرف عبد الباقي، نيللي، عزت أبو عوف، رجاء الجداوي وغيرهم.. بريق النجم لا يكفي لكي ينجح كمذيع لأن هذا الوهج يسقط في لحظات ويتبقى فقط قدرته أو عدم قدرته على أداء واجباته كمذيع.. المذيع الناجح وصفة أخرى تركيبة لا تستطيع أن تقول مثلاً أنها الشهرة ولا هو الذكاء ولا الحضور.. الشهرة قد تمنحها الشاشة الصغيرة للمذيع ليصبح نجماً وليس مطلوباً منه أن يمنح هو نجومية لمقعد المذيع وينبغي في كل الأحوال ألا يطغى حضوره على ضيوفه.. إنه سر خاص.. لن ينجح من النجوم في نهاية الأمر سوي عدد قليل جداً وهؤلاء لن يحققوا النجاح لأنهم نجوم في التمثيل ولكن لأن بداخلهم مذيع تليفزيوني كامن ورغم ذلك فأنا لا أعتقد أن أي منهم من الممكن أن يحقق نجاحاً يقترب مثلاً مما استطاع أن يصل إليه في أسابيع قليلة من ظهوره على الشاشة الصغيرة باسم يوسف. هناك مثل مصري شهير يقوله أولاد البلد وهو "كل برغوث علي قد دمه" أي أن كل فنان يحصل مقابل للنجومية التي حققها ولو تتبعت أجور النجوم تكتشف أن عادل إمام حقق أعلي أجر عندما وافق قبل ثلاث سنوات علي تقديم برنامج اسمه "أكاديمية الزعيم" لحساب إحدى الفضائيات، صحيح إن البرنامج في نهاية الأمر توقف بل إن هذه الفضائية تعثرت بعد ذلك مادياً إلا أن عادل حصل وقتها على أكبر أجر وهو مليون دولار في أربع حلقات ولا أتصور أن هناك من استطاع تجاوز هذا الرقم. إنها مرحلة عابرة مؤقتة وسوف تصاب الشاشة الصغيرة بالتخمة من برامج النجوم وبعدها لن يجدوا أمامهم بديل سوى العودة إلى نشاطهم الأساسي داخل بلاتوهات السينما!!