أرخت هجرة معظم نجوم الصف الأول بظلالها على مختلف القضايا المتعلقة بالدراما السورية، لتصبح حديث الشارع الذي اعتاد على هذه الوجوه الفنية في كل عام. وبين متفائل بها لأنها دراما ولّادة وفتية وبين متشائم اعتبرها دخلت نفقاً مظلماً، يترقب آخرون دوراً إيجابياً من الوجوه الشابة ليسدوا فراغ الغائبين رغم قلة خبرتهم. فهل يشكّل غياب هؤلاء النجوم فرصة للمواهب الشابة لإثبات ذاتها؟ وهل يتقبل المنتجون والمخرجون هذه الفكرة؟ علماً أنّ المخرج المثنى الصبح تسلح بالجرأة عندما منح زينة بارافي وجوان خضر دورين هامين عوضاً عن نسرين طافش وتيم حسن في "ياسمين عتيق". يقول لؤي النوري الذي درس في معهد "تياترو" الخاص وأكاديمية الفن الخاصة ومعهد "دراما أكاديمي"، إن "المواهب الشابة تمتلك القدرة على إثبات ذاتها وموهبتها وشد الأنظار والمشاعر إليها، وهي بحاجة لفرصة تستطيع من خلالها تقديم ذلك، لكننا اعتدنا على زخم النجوم في الأعمال السورية نظراً إلى خاصية البطولة الجماعية التي تتمتع بها. وبالتالي فإن غياب النجوم عن أي عمل فني، سيبعد عنه أنظار الجمهور ولن يحقق نسبة مشاهدة عالية". ويتابع أنّ "غياب النجوم هذا العام يعد فرصة ذهبية للفنانين الشباب كي يظهروا بمشاهد أكثر وأدوار أكبر، وعليهم اغتنام هذه الفرصة". وأشار إلى أنّ الفنانين الشباب يمكنهم تعويض غياب النجوم بفضل توافر طاقات ومواهب متعددة، خاتماً "لكن لا أعرف إن كان هذا الكلام سيقنع المنتجين والمحطات الفضائية أم لا؟". من جانبه، يرى المخرج المسرحي والسينمائي زياد القاضي أنّ "الظهور الدرامي "تقولب" منذ فترة بمجموعة أسماء، وكان لشركات الإنتاج الدور الأكبر في ذلك لضمان الربح، معتقدة أنّ النجم هو أهم وأسرع الوسائل لتحقيقه. لذلك كانت فرص الوجوه الشابة الجديدة قليلة وتكاد تصبح معدومة، بالإضافة إلى عدم تسليط الجهات المعنية الضوء عليها رغم وجود مواهب مهمة تضاهي وتفوق أحياناً تلك الأسماء التي لمّعت وسوّقت عبر شاشات الدراما، فغياب هذه الوجوه قد يكون إيجابياً من كل النواحي. إذ يأخذ الوجه الجديد تلك الفرصة لإثبات وجوده". أما عن تقبّل الإنتاج فيرى أن "الوجوه الجديدة أصبحت أمراً واقعاً، وبما أن الإنتاج يتعامل مع العنصر المادي وعاملي السوق والتسويق في العرض والطلب، فيجب أن تكون من أولوياته التعاطي مع ذائقة الجمهور بطريقه أكثر منطقية وأكاديمية وإبعاد عنصر الملل والتكرار عن المتلقي ليكسب حالة التجدد. وفي النهاية، فالحالة الفنية هي التي ترضي الجمهور، والمثال على ذلك ظهور أفلام مهمة على الساحة قوامها وجوه جديدة وكوادر جديدة من إخراج وتقنيين وحصلت ليس فقط على رضى الجمهور". بدوره، يقول خريج "المعهد العالي للفنون المسرحية" ينال منصور إنّ "أي ممثل يعمل ويلعب أدواراً مختلفة في الدراما السورية يتطور بفعل تراكم خبراته أو دراسته وأدوات تعبيره كممثل، وبالتالي إن أردنا بحث كيفية صنع نجم للدراما يجب أن لا نغفل أعيننا عن تلك المبادئ". وأوضح أنّ "معادلة النجم في الدراما السورية تبدأ بهذا الشكل، فعموم النجوم كانوا مجرد مواهب بحاجة للدعم والبعض موجود بفعل تكرار اسمه في المسلسلات السورية فقط". وأشار إلى أنّ "غياب النجم حافز لصعود الشباب ومشكلة أيضاً لأن التجربة تصقل من خلال هؤلاء النجوم الذين هم في الغالب أسماء ذات خبرة وثقة تعلِّم الشباب". وأخيراً ترى الشابة ساندي نشواتي أنّ "غياب النجوم يشكل فرصة كبيرة للمواهب الشابة التي تستحق أن تأخذ دورها وتثبت موهبتها". يذكر أنّ حوالي خمسين فناناً سورياً سافروا خارج البلاد أمثال جمال سليمان، ومكسيم خليل، وتيم حسن، وسلافة معمار، وأمل عرفة، وجومانة مراد، وعبد المنعم عمايري، وسامر المصري وديمة بياعة... المزيد: فنانو سوريا في 2012: موسم الهجرة الجماعية!