بدت الدراما الاجتماعية السورية في عام 2012، كأنّها تغرّد خارج السرب بعيداً عن واقع "ولاد البلد". لم ترتق بقصصها وسيرها إلى مستوى الأزمة التي عصفت ببلد انقلبت حاله 180 درجة. حملت معظم الأعمال مواضيع سطحية غيّبت أي طرح مستقى من الأحداث التي تجري على الأرض، لتثبت أنها في واد والبلد في واد. "ساعات الجمر" كان الأكثر جرأة وجدلاً استمراراً للخط الذي رسمته رشا شربتجي منذ الجزء الأول من "الولادة من الخاصرة"، لكنّها لم تسلم من أقلام النقاد الذين اتهموا العمل بالمبالغة، خصوصاً في شخصيتي "أبو نبال" و"أبو رؤوف"، في الوقت الذي أكدت فيه المخرجة أنّها لم تقدم سوى الشيء اليسير من الواقع. أما "بنات العيلة"، فقد جاء مغرقاً في الرفاه والترف متناولاً شريحة صغيرة جداً في المجتمع السوري، إلى درجة شُبِّه فيها بعروض الأزياء. واتّهمت الممثلات بالتسابق على ارتداء أجمل الفساتين والظهور بأحلى "لوك". وبالانتقال إلى أعمال "المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي"، فوحده مسلسل "المصابيح الزرق" نجح في مقاربة الأزمة لكن باستحضار فترة من تاريخ سوريا الحديث كتبه الروائي حنا مينة في رواية حملت الاسم ذاته، رغم أنّ المقاربة كانت من وجهة نظر واحدة، في ظل وجود أطراف عدة متنازعة في الداخل السوري. ونال "المفتاح" درجات عالية في التصويت الجماهيري، لكنّ عرضه على قناة واحدة في توقيت "ميت" وضعه في خانة الأعمال المظلومة، لكنّ العمل رصد مجموعة من المفاهيم والقيم الحياتية كالحب والزواج والشرف والأمانة ليثبت هشاشتها عند امتحانها على أرض الواقع، لكن كل ذلك تم تناوله من دون تقديم أي حلول أو اقتراحات. بدوره، استمر الكاتب فادي قوشقجي في نهجه المعروف والمكرر ليقدم عملاً جريئاً تحت اسم "أرواح عارية"، والطرح الجريء الذي وعد به المخرج جاء من خلال قصة الخيانة الزوجية. وظهرت قضايا الشك والخيانة وازدواجية الأحكام المجتمعية التي تضمنها العمل بشكل مبالغ فيه لم يقدم من قبل. ولعلّه تخطّى بعض الخطوط الحمراء التي لم تراع الأعمار التي تتابعه، خصوصاً أنّ التلفزيون موجود في كل منزل ويتابعه جميع أفراد الأسرة في مجتمع شرقي بامتياز. هذا العمل أظهر أنّ الخيانة الزوجية باتت متفشية في المجتمع السوري، ولا يمكن إنكار وجود هذه الحالات إلا أنها تبقى مخفية ولا تصل إلى حد الظاهرة أو المعضلة التي لا حل لها، خصوصاً أن المجتمع السوري ما زال قائماً ولا تزال الأخلاق هي التي تحكمه بغض النظر عن الاستثناءات. لكن ما ذكر لم يكن غريباً عن صاحب النص الذي وجد أنّ الغوص في القضايا الجنسية تجارة رابحة، فاستمر بها من دون النظر إلى قيمة النص وإمكان نجاحه على الشاشة. بدوره، لم يختلف "رفة عين" كثيراً عن سابقه من حيث المبدأ، فظهرت فيه مشاهد لم تكن لتظهر من قبل، وحوارات كانت محصورة بالسيدات "وعلى خجل"، علماً أنّ "الحبكة" اتسمت بالضعف وسط قصص ضعيفة ومنسوجة بخيال "بوليوودي" بحت. المزيد: حصاد 2012: الموت يخطف فناني سوريا! الدراما السورية 2012: سقوط الكوميديا! فنانو سوريا في 2012: موسم الهجرة الجماعية!