أرخت الأحداث الدامية التي تعيشها سوريا بظلالها على الدراما التي تعتبر الصناعة الثقيلة الأولى في البلد. هكذا، تراجع الإنتاج من خمسين عملاً عام 2010، إلى النصف في 2011، قبل أن يستقر على عشرين عملاً في رمضان الفائت. ومع أنّ الكواليس توحي بإنتاجات جديدة لموسم 2013، إلا أنّ مجمل الحديث "بعيد عن الورق"، ولا يصل إلى 15 عملاً على أبعد تقدير. ولم يتوقف تأثّر الدراما بالأزمة عند حدود الإنتاج فقط، بل تعداه إلى مجالات أخرى، لعل أبرزها غياب الكثير من نجوم الصف الأول، وتوجههم للعمل في الدراما العربية. وتؤدي مسألة غياب النجوم عن الدراما الوطنية إلى معضلات قد تصل إلى حدود المشاكل المستعصية، فغياب حوالي 50 نجماً أكثر من نصفهم من الصف الأول ليس بالأمر السهل، ليس فقط بالنسبة إلى المنتجين الذين يسوّقون أعمالهم بناء على الأسماء "البياعة"، بل أيضاً لغيرهم في الوسط الفني السوري. الكلام السائد في الأوساط الفنية يفيد بأنّ الدراما لن تتأثر بغياب نجوم معينين باعتبارها تعتمد على البطولة الجماعية، بالإضافة إلى أنّ الدراما السورية فتية تولّد كل عام دفعة من الوجوه الجديدة المتميزة. لكن على الطرف الآخر، ذهب بعض المتشائمين إلى حد الحديث عن انهيار قريب ووشيك للدراما السورية لأنّ الوجوه الجديدة وفناني الصف الثاني غير قادرين على التعويض. بينما يؤكد البعض أنّ غياب النجوم سيشكّل فرصة نادرة للفنانين المهمشين لإثبات وجودهم والحصول على فرصة انتظروها ليثبتوا موهبتهم وقدرتهم على تجسيد وأداء الأدوار المهمة والرئيسية. ويؤكد اختصاصيون أنّ غياب النجوم عن الدراما السورية ليس وليد الأزمة، بل إنّ هذه الأزمة ألقت الضوء بشكل أكبر على هذا الغياب الذي بدأ منذ مشاركة الفنانين السوريين في الدراما المصرية على حساب دراما بلدهم. وعلى سبيل المثال، يغيب كل من جمال سليمان، وتيم حسن، وجومانة مراد منذ فترة طويلة، إلا أنّ هذا الغياب لم يمنع الدراما السورية من التميز بسبب شهرة أعمال درامية عديدة وتقديمها طروحات ومواضيع مهمة ولعل أبرزها "باب الحارة"، و"تخت شرقي". وفتحت هذه الغيابات الأبواب أمام نجوم آخرين بالتميز والشهرة مثل سلافة معمار، وهبة نور، ومكسيم خليل، وقصي خولي، وعبد المنعم عمايري وغيرهم. لا يمكن الإنكار بأنّ هذه الغيابات ستؤثر على كمّ المسلسلات المقدَّمة كل عام، وتراجع الإنتاج في السنوات الأخيرة هو خير دليل على ذلك. يضاف إلى ذلك أنّ الأزمة قد ازدادت في ظل الحديث عن مقاطعة المحطات العربية للأعمال السورية. وتداركت الدراما السورية غياب النجوم في السنوات الأخيرة بالاعتماد على الفنانين السوريين من دون تطعيمها بنجوم من الخارج، رغم مشاركات نجوم من مصر كسمير غانم، وحسن حسني، وطلعت زكريا، وسطوع نجم فنانات عربيات كصفاء سلطان، صبا مبارك، أمل بوشوشة. إلا أنّ هذه المشاركات لم تكن على سبيل تعويض نقص في الدراما السورية بقدر ما هي رؤى إخراجية أو متطلبات إنتاجية فرضت على الأعمال السورية من أجل تسويقها لدى المحطات الفضائية العربية. أما عن كيفية تدارك الأزمة الحاصلة، فالاحتمالات مفتوحة على مختلف الحلول، وأهمها الحفاظ على الهوية السورية مع تغيير المكان من خلال إيجاد بيئة مشابهة للبيئة السورية في دول الجوار وخصوصاً لبنان والأردن، وقد يتم الاتجاه إلى تنفيذ أعمال درامية مشتركة تصوَّر في إحدى دول الخليج أو دول الجوار السوري المشار إليها. المزيد: الدراما السورية تهجّ إلى دبي وعمان وأبوظبي! جومانة مراد تلحق بجمال سليمان وتيم حسن “نيران صديقة” بين دمشق وبيروت!