غالبا ما تكون المشاكل الزوجية ناجمة عن تراكم من التفاصيل الصغيرة، التي تتحول بمرور الوقت إلى كتلة كبيرة و غير متمايزة تختصر في جملة واحدة من قبيل: "إننا لا نتوصل للتفاهم مع بعض" أو "إنه/إنها لا تفهمني". المشكلة أن التفاصيل الصغيرة تصبح غير مرئية بمرور الوقت، يجعلنا تراكمها بالذات غير قادرين على تمييزها و الانتباه إليها. هكذا لا يعود ممكنا مناقشة مشاكل وتفاصيل صغيرة، و قابلة للنقاش أيضا، بل نجد أنفسنا أمام "مشكلة" كبيرة، لا نعرف كيف نتناولها، وتبدو غير قابلة للنقاش و الحل. المواد و المقالات التي نوردها هنا، بما فيها تلك التي تبدو خفيفة و مرحة، يمكن لها أن تساعد على لفت الانتباه إلى بعض من هذه "التفاصيل".  التفاصيل التي تبدو حين نعزلها و نتناولها مفردة، واحدة واحدة، هزلية، يمكن أن تمسحها ضحكة. هنا بعض من هذه التفاصيل، وبعض من "أنواع" الرجال.. الرجل الماء: بلا طعم ولا لون ولا رائحة. غالبا ما يميل الرجل، تملصا من ضرورات الترفيه، أو لمجرد الكسل، أن يقول أن لا هوايات خاصة لديه، ولا تفضيلات. يقول مثلا: لا أحب كذا، ولا أهتم بكذا، أو ببساطة: ما عندي أي هوايات يا عمري. و تخلص المرأة، بعد حين إلى أن تفكر أن زوجها مثل كأس من الماء العذب: لا طعم ولا لون ولا رائحة. في آخر المطاف العبء يقع على المرأة أيضا في أن تقنع من تحب بأن يكون أكثر من كأس من الماء، حتى لو صار أقل عذوبة. الرجل الشاطر: أنت أفضل صديقاتك. قد يقول الرجل لزوجته مثلا: صديقاتك غير مهضومات ( ثقيلات الظل)، أو : صديقاتك مملات، أو: أنت أفضل صديقاتك يا حبيبتي. دوافع الرجل قد تكون إيجابية تماما، كأنه يرغب أن يقول لمن يحبها: أنها هي، على عكس صديقاتها، مهضومة، و مسلية، و رائعة. لا ينتبه الرجل إلى أمرين: طبيعة علاقة المرأة بصديقاتها، و المشكلة الكامنة في منطق المقارنة نفسه. تحب المرأة أن تشعر أنها مميزة عند من تحب، ولكن ليس بالضرورة من خلال مقارنتها مع الصديقات اللاتي تحبهن هي. الرجل يحاول أن يكون "فهلويا"و "شاطر شاطر" كما يرد في أغنية نانسي عجرم. يجب تنبيه الرجل، ليس أكثر، إلى أن أغنية نانسي تلك موجهة للأطفال، لأن إقناعه بأن شطارته تلك في غير محلها قد تكون أمرا صعبا. الرجل المقص: أمي، وعمتي أيضا، لا تحبك. يميل الرجل، أو هكذا يظن، إلى الوضوح، و القطع. يحب، أو هكذا يدعي، أن يناقش المشاكل بدون تزيينات، وأن يصوغ الوقائع في عبارات نهائية وواضحة، ليصل إلى نتائج و حلول مناسبة. يحب الرجل أن يتعامل مع أشياء محددة ووقائع نهائية. هذا لا ينبطق غالبا على العلاقات الإنسانية التي تبدو أكثر تعقيدا، لأنها تظل في حالة حركة مستمرة. جزء من المشاكل التي تعترض تلك العلاقات هي "الكلام" نفسه، طريقة الكلام، و "الصيغ" التي نسم بها المشكلة. قد يقول الرجل لزوجته، بوضوح: كلانا نعرف أن أمي لا تحبك، اسرتي لا ترتاح لك، لنخلص من هذا الأمر، ونفكر في حلول مناسبة. قد تكفي جملة كهذه لتخريب العلاقة بين الزوجة و اسرة الزوج إلى الأبد. و من الأفضل ان يقتنع الرجال بأن هذه الطريقة البتارة، مثل مقص، في صياغة الأمور قد لا تناسب قماشة العلاقات الحساسة. الرجل الأفق: اهتمي أنت بهذه التفاصيل. يكرر الرجال كثيرا جملا من هذا النوع: اترك لك هذه التفاصيل، اهتمي أنت بهذه المواضيع، لا وقت لدي للاهتمام بهذا، قرري ما بدا لك. لهذا وجه إيجابي: تشعر المرأة باستقلالية ما، وبأنها تحمل مسؤولية أمور بعينها دون أن يشوش عليها الرجل بآرائه الثمينه. بالمقابل يفرط الرجل في ترك "هذه التفاصيل" للمرأة: البيت، الديكور، الصحة، المصروف، شؤون الأولاد، تنظيم الرحلات، العلاقات مع الاصدقاء، زيارات الأهل، الخ الخ.. يبدو هذا النوع من الرجال في آخر المطاف كما لو أنه غارس عينيه في "الافق" مترفعا عما تحت أنفه مباشرة، غير مستعد للمشاركة فيما يبدو مهما لشريكته، و تنتهي المرأة إلى أن تفكر أن "هذه التفاصيل" غير مهمة حقا بالنسبة له، و غير مهمة حتى على الإطلاق، تلك التفاصيل التي قد تكون الحياة كلها، نسيجها اليومي المدهش الذي لا تقوم "علاقة" بدونه..