العديد من النجوم أمثال نيرمين الفقي، ومحمد رياض، ومجدي كامل، وفردوس عبد الحميد وغيرهم ممن خفت بريقهم في السنوات الأخيرة وتعاقدت معهم الشركات التابعة لوزارة الإعلام المصرية سواء "صوت القاهرة" أم قطاع الإنتاج، أعلنوا غضبهم، مؤكدين أنّهم لن يعملوا مرة أخرى في أي عمل تنتجه تلك الشركات. حجتهم المعلنة أنّ الدولة أنتجت لهم مسلسلات، وعندما قررت أن تعرض على الشاشات في رمضان، اتجهت إلى نجوم مسلسلات القطاع الخاص! والحقيقة أنّ أسوأ إنتاج على مستوى الفضائيات هو ما تقدمه الشركات التابعة للدولة. في العادة، لا تُعرض عليها إلا الأعمال التي لا يتحمّس لها القطاع الخاص ولا يشارك فيها إلا النجوم الذين صاروا خارج أجندة شركات القطاع الخاص. الدولة تستقبل عادة مَن تركتهم الشركات الأخرى وهم في العادة يذهبون إليها طمعاً في الحصول على مآرب أخرى. أتذكر مثلاً أنّه في السنوات الأخيرة، لم يكن المخرج محمد فاضل يجد سوى الدولة عندما كان يريد أن يقدم مسلسلاً من بطولة زوجته فردوس عبد الحميد.  أنتج له قطاع الإنتاج في العام قبل الماضي "السائرون نياماً". وهذا العام قرر أن يقدم للدولة مسلسل "يأتي النهار" من بطولة فردوس أيضاً. لماذا يغضب إذن المخرج عندما ترفض الدولة عرض المسلسل في وقت الذروة؟ الجميع يعمل طبقاً لنظرية "شيلني وأشيلك". الدولة "تشيل شوية" والنجوم الذين يعملون معها "يشيلون شوية". وبالفعل، حقّق الممثل مجدي كامل تواجداً في الأعوام الأخيرة، خصوصاً بعد مسلسل جمال عبد الناصر. إلا أنّه لم يصعد إلى الصف الأول. بالتأكيد فنجوم كأحمد السقا، وكريم عبد العزيز، ومصطفى شعبان، وعمرو سعد، وآسر ياسين سبقوه جماهيرياً وتسويقياً. ولهذا فإنّه من البديهي أن مَن يوافق على اعتماده بطلاً مطلقاً في مسلسل "ابن ليل" هي الدولة أيضاً ثم بعد ذلك تتعثر في تسويقه. نيرمين الفقي كانت واعدة قبل 15 عاماً لكنها تعثرت ولا يمكن لأحد الآن أن يعتبرها نجمة ذات جاذبية. محمد رياض كان قبل 20 عاماً نجم الشاشة الصغيرة الأول، بل أتذكر أّنه في إحدى السنوات، كان يعرض له خمسة مسلسلات رمضانية دفعة واحدة قبل بزوغ عصر الفضاء الإعلامي الذي طرح بدوره معادلات أخرى ونجوم بجاذبية مغايرة. وهكذا تغيرت الخريطة وبات رياض خارج المنظومة يلعب بطولة مسلسلات مثل "حضرة الضابط أخي" المصنوع من أجل أن يقدم وجهاً دعائياً لضابط الشرطة. الزمن تغيّر في عصر الفضاء والتسويق، والإعلان الذي يعتبره بعضهم ضد الإبداع الفني صار هو الذي يفرض قانونه الآن. النجم الذي يفتقد الكاريزما التسويقية لا يستطيع أن يكمل مساره في الصف الأول وفي الوقت نفسه لا نعتبر أنّ التسويق والإعلان هما الجحيم بل المعادل الموضوعي لشباك التذاكر. بالتأكيد، لديّ تحفظات عديدة على سيطرة الإعلانات على الدراما التي جعلت الشاشة عبارة عن إعلانات تتخللها على استحياء أحياناً مادة درامية كفاصل قصير. لكن علينا أن نتعامل مع قانون الواقع! للغاضبين كل الحق في إعلان ذلك لو أنّ إنتاج الدولة يستحق الدفاع عنه. لكنّ أغلب ما تنتجه "صوت القاهرة" وقطاع الإنتاج تشم فيه دوماً تلك الرائحة التي تؤكد على أنّ هناك معادلة أخرى وصفقة تبادل منفعة! المؤكد أنّ الربط بين جاذبية النجم وجودة المسلسل ليس معادلة صحيحة في كل الأحوال. كم مرة اكتشفنا أن النجم يبيع لنا الوهم، لكنّ الوجه الآخر للصورة هو: هل الإنتاج الرسمي للتلفزيون الحكومي الذي لا يتعاقد عادة مع نجوم الإعلانات ذو قيمة إبداعية يدافع عنها؟ مع الأسف أيضاً ستكتشف أنّ هناك إهداراً للمال العام.. كتبت أكثر من مرة قبل أشهر عن اغتيال نص درامي تعودنا من كاتبه محفوظ عبد الرحمن على الإجادة والإمساك بالتفاصيل. أتحدث عن مسلسل "أهل الهوى" الذي يتناول مصر من عام 1917 حتى عام 1923 من خلال علاقة الصديقين الشاعر بيرم التونسي والملحن سيد درويش وكان عمرهما في تلك المرحلة 24 عاماً. وتنتهي الحلقات وهما فقط في الثلاثين. المخرج أسند دوريهما إلى فاروق الفيشاوي وإيمان البحر درويش. اعتقدت أنني بمجرد النشر، سوف أجد من يوقف تلك المهزلة، والغريب أني وجدت مَن يبرر تلك المهزلة. قرأت للكاتب الكبير الصديق محفوظ عبد الرحمن حديثاً حيث يعلّل أنّ هؤلاء هم ممثلون كبار يملكون أدواتهم في التعبير. لكن لسوء حظه، فإنّ الصحف نشرت الصور لبطلي المسلسل والمفترض أنهما في ريعان الشباب، فرأينا الترهل قد سطر ملامحهما، خصوصاً فاروق الفيشاوي الذي تجاوز الستين، لكنّ ملامحه تضيف إليه عشر سنوات أخرى. القدرة على التسويق للفضائيات وجذب الإعلانات لا تعني أنّنا في صدد نجوم لديهم بالضرورة قدرة إبداعية استثنائية. ولكن على الجانب الآخر، هناك نجوم منزوعو الوهج والبريق فقدوا قدرتهم على جذب الجمهور، فلماذا يملأون الدنيا ضجيجاً وغضباً!