أصدر المركز الوطني للوثائق والبحوث حديثاً كتابه الجديد: "الإماراتيون: كل أيامنا الخوالي" وفيه يقدم أنتوني رندل فيضاً من ذكرياته في أبوظبي أثناء خدمته في العين ضابطاً في قوة ساحل عمان وواحداً من أبرز قادة قوة ساحل عمان (1960-1962) ويسوق ذكرياته بالكلمة والصورة عن الدور الكبير الذي قامت به قوة ساحل عمان في التطور المنظم للإمارات المتصالحة قبل وقت طويل من قيام دولة الإمارات العربية المتحدة وذلك في بدايات نشوء مدينة أبوظبي التي غدت من أروع المدن.

ياتي الاصدار في سياق جهود المركز الرامية إلى توثيق تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وتراثها في إطار حفظ ذاكرة الوطن للأجيال القادمة.

يبدأ النقيب رندل -حامل وسام الإمبراطورية البريطانية- ذكرياته من مقر قوة ساحل عمان في قلعة الجاهلي التي كانت تؤوي سرية من الجنود قوامها حوالي 120 فردا ومن شظف العيش حيث الطقس الحار وانعدام وسائل الرفاهية والظروف الصعبة ولكنه يقر بأنه كان يجد حريته في الصحراء وينغمس بعدسته بين جنود قوة ساحل عمان فيرصد جوانب من حياتهم اليومية وتنقلاتهم بين الواحة والصحراء وقربهم من الأهالي وحياتهم في واحة العين وفي الصحراء.

وحين يتحدث عن دوريات الهجانة يتطرق إلى أهمية الإبل في التنقل على رمال الصحراء واجتياز الأماكن الوعرة وأساليب التدريب على امتطائها وهو يبدي إعجابه بدليله ومرافقه "ابن مخزوم" الذي يكتشف هوية البعير من أثر خفه وتلك مهارة اعتادها أبناء الصحراء.

ويعود رندل إلى واقع العين وما حولها عام 1960 وكأنه يقارن بين الأمس واليوم فلم يكن حينذاك طريق فيها رغم أنها كانت تنعم بالظل وتعد واحة في زمن لم تكن فيه أجهزة التكييف ..وبعد حديث مقتضب عن البريمي ..وبعد أن يصف بدايات الزراعة وتحولاتها من زراعة أعلاف الحيوانات إلى البساتين التي توفر غذاء السكان بعدما حظيت باهتمام الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه- يفرد صفحات من الكتاب لصور من : واحات النخيل في العين والسوق ثم قرية حماسة والصحراء في المساء والليل وأدوات إعداد القهوة.

ويسافر المؤلف من العين إلى أبوظبي في رحلة دامت أكثر من سبع ساعات ويبدأ بوصف أبوظبي وما كانت عليه عام 1960 بدءاً بحصن المقطع فالمركز الجمركي غير البعيد عنه وكيف يجتاز القادمون إلى أبو ظبي منطقة المقطع ويكمل بالصور وصف واقع أبوظبي وأهم الأعمال التي كانت تحفل بها كالصيد والتجارة والتحطيب.

ويتناول الكتاب بالكلمة والصورة موضوعاً آخر بعنوان: "الناس والصقور" فيبرز الدور الهام الذي تمثله رياضة القنص بالصقور والصيد بالكلب السلوقي في حياة الناس في ستينيات القرن الماضي ..ويبرز تفاصيل حياة الناس في ذلك الوقت وهم يجمعون الحطب ويربون الماشية ويحتفلون في المناسبات كعيد الفطر.. ثم يسلط الكتاب الضوء على أهمية حمل السلاح الذي كان علامة الرجولة ويستخدم للزينة أيضاً.

والفصل الأكبر الذي أولاه اهتماماً خاصاً كان عن حفل زفاف المغفور له – بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 1962في العين ..وقد أثرى هذا الفصل بألبوم من الصور النادرة التي التقطت لمظاهر الاحتفال بتلك المناسبة.

وبعد أن يتحدث الكتاب عن النساء وحياتهن الأسرية ودورهن في المجتمع يتحول إلى الماء الذي كان يعتبر الأغلى في مطلع ستينيات القرن الماضي فيسلط الضوء على الأفلاج التي نظر إليها صمويل باريت المعتمد السياسي والقنصل في مسقط على أنها نوع من الأنهار الاصطناعية ومن أعظم المنجزات ..وتوقف مطولاً عند الآبار وطرائق حفرها ودورها.

وقبل أن يختتم رندل الكتاب استعرض المرافق الطبية حينذاك وكانت ممثلة بتأسيس مستشفى الواحة (كينيدي) في العين.

 وأشار المؤلف في الختام إلى أنه يقدم كتابه هذا - الذي يضم أربعمئة صفحة حفلت بموضوعاته باللغتين العربية والإنجليزية - للجيل الحالي من شباب الإمارات ليطلعوا على مختلف جوانب الحياة التي عاشها أجدادهم في أوائل ستينيات القرن الماضي ..مشيراً إلى إحساس الحكام بالمسؤولية ولا سيما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- رحمه الله- الذي وضع تصوراً في ذلك الحين لتطوير أبوظبي وتحديثها.