اهتم أبناء الجزيرة العربية منذ القدم بمطالع النجوم والنظر فيها ومعرفه منازلها وذلك لارتباطها بحياتهم اليومية في الليل والنهار فهم يعرفون من خلالها دخول الفصول فصول السنة ووقت نزول الأمطار ووقت البرد والحر ومن خلال حساب النجوم يعرف أهل القرى والفلاحين متى يحرثون أراضيهم ومتى يبذرون استعدادا لنزول المطر وأهل البر يعرفون مواسم الرعي و السفر و أهل البحر يعرفون مواسم الصيد والسفر . وبحسب وكالة الأنباء الإماراتية فقد استعان بنجم سهيل ايضا البحارة الصينيون المتوجهون إلى بحار الجنوب مسترشدين بالنجم “ سهيل” الذي كان بمثابة نجم قطبي جنوبي وكان العرب في الصحراء يسترشدون أيضا بالنجم “ سهيل” وهم يتوجهون صوب الجنوب و "الثريا” نحو الشمال كما يدل "سهيل" على القبلة في بلاد الشام . وقال إبراهيم الجروان الباحث في علوم الفلك و الأرصاد الجوية المشرف العام للقبة السماوية بالشارقة ان نجم “ سهيل” الذي تستبشر بطلوعه العرب باديها وحاضرها من ألمع النجوم في السماء وله عده مسميات عند العرب فهم يسمونه البشير اليماني ويسمونه نجم اليمن ويسمونه سهيل اليماني ايضا وسبب نسبته الى اليمن كونه يطلع من جهة الجنوب ويظهر مقابلا للنجم القطبي الشمالي فهو يشير إلى جهة الجنوب أما القطب الجنوبي نفسه فهو لا يظهر في سماء الامارات وعلى كل حال لا يوجد نجم معين يدل على اتجاه النجم الجنوبي كما هو الحال في القطب الشمالي. واوضح ان كثيرا من الناس عند مراقبتهم طلوع هذا النجم يرون واحدا من نجمين معروفين في كوكبة السفينة ذاتها أحدهما “ الوزن “ والاخر “ الحضار” يظهران قبله بأيام قليلة فيحلفون أنهم رأوا سهيلا ولهذا فقد سمي هذان النجمان "المحلفان” أو المحنثان “ وبطلوع سهيل تنكسر حدة الحرارة تدريجيا ويبدأ الجو بالاعتدال ليلا وبعد” سهيل ب 52 يوم يدخل حساب الوسم وهي 52 يوما إذا جاء فيها المطر فانه يكون نافعا بإذن الله للبر والبحر ففي البر فانه ينبت أنواع كثيرة من النباتات لا تنبت إلا في مطر هذا الوقت وكذلك تنبت الكماه أو الفقع كما هو معروف وأما فائدة المطر للبحر في فتره الوسم فانه ينتج اللؤلؤ بإذن الله في بطون المحار وسمي بالوسم لأنه يوسم الأرض بالخضرة والعشب والكلأ ويتكون من أربعة منازل “ نجوم “ هي العواء والسماك والغفر والزبانا. واشار الباحث ابراهيم الجروان “ الى ان نجم “ سهيل” ينقسم إلى أربعة منازل تبدأ بالطرفة ومدتها 13يوما حيث يصبح الجو لطيفا في الليل مع بقاء الحرارة في ساعات النهار ثم الجبهة وتمتد لمدة 13 يوما وهي أول نجوم فصل الخريف حيث يبرد الليل ويتحسن الطقس نهارا تليها الزبرة وتستمر لمدة 13يوما وفيها تزداد برودة الليل إلى درجة ينصح بعدم النوم تحت أديم السماء ثم الصرفة وهي آخر نجوم “ سهيل” وتمتد لمدة 13يوماً وسميت بذلك لانصراف الحر عند طلوعها. وحول موعد طلوع نجم “ سهيل “ قال الجروان انه مع طلوع النجم يبدأ تقويم خاص لأهل الخليج يعرف ب “ الدرور” وبالرغم من الاختلاف في تحديد الموعد الدقيق لطلوع “ سهيل” فهو بين 15 أغسطس إلى 28 أغسطس وهي فروقات بسيطة حيث أنها لا تقلل من فعالية التقويم وتطابقها مع حالة الجو والبحر ومواعيد الزرع والحصاد وهذا التقويم ببساطة يقسم السنة على ثلاثة أقسام كل قسم مائة يوم وكل عشرة أيام منها يسمى “ در “ والمائة الأولى في الثلث الأخير من أغسطس تنكسر فيها حدة الحر وهبوب الرياح النشطة التي تخفف من حر الجزيرة العربية ويكون ظهور” سهيل” فيها في آخر الليل حتى قبيل الفجر والمائة الثانية مع نهاية نوفمبر وفيها يميل الجو للبرودة وتتناوب هطول الأمطار بإذن الله والوسمي ودر الثمانين مشهور برياحه الشمالية القوية وأربعين المريعي يبدأ في در الأربعين ويكون ظهور /سهيل” فيها من منتصف الليل إلى آخره ومع بداية السنة يتوسط سهيل السماء في منتصف الليل ليكون على ارتفاع 12 درجة من الأفق الجنوبي ليطلع بحدود التاسعة مساءاً ويغرب بحدود الثالثة صباحا في أطول ظهور له في ليالي العام و المائة الثالثة مع بداية مارس وفيها بداية الدفء ثم ارتفاع درجة الحرارة ونشاط الرياح الربيعية “ رياح النعايات في در العشر ورياح السرايات في در الثلاثين” ويكون ظهور سهيل فيها من بداية الليل إلى منتصفه ثم يتقدم ظهوره تدريجيا وتقل فترة مكوثه في السماء ومع أواسط المائة الثالثة “ أوائل مايو يغيب سهيلعن الظهور في السماء حيث يكون في الفترة السابقة متألقا في الجهه الغربية مساءا بعد غروب الشمس ويكون متزامنا مع الشمس يغرب معها في يوم 12 مايو بحدود الساعة 50ر18 دقيقة مساءا ثم يتقدمها في الغروب بعد ذلك ويكون متزامنا معها لفترة فيغيب عن الظهور وفي هذه الفترة فترة غياب سهيل يقع موسم الغوص الكبير في الخليج وفي أواسط أغسطس يطلع مع طلوع الشمس بحدود الساعة 50ر5 صباحا ثم يتقدمها في الطلوع ليظهر قبيل الفجر. واكد الجروان ان المهتمين بالفلك لاحظوا ان ظهوره يمثل علامة في تحول الظروف الجوية وكانت العرب تقول “ إذا طلع سهيل برد الليل وخيف السيل وكان للحوار الويل” لأنه يفصل عن أمه وكان العربي إذا أراد ذلك أخذ بأذن الحوار واستقبل به سهيلا يريه إياه ثم يحلف بألا يرضع من أمه بعد يومه ذلك بحجة أن أيام الحر والكلفة قد انتهت وبدأت أيام البرد ولطيف الهواء ومع بداية “ سهيل” يبدأ منخفض الهند الموسمي بالتراجع جنوبا وتبدأ تهب رياح قوية يطلق عليها "هبايب سهيل تعمل على تلطيف الجو كما تنشط الروايح أو روايح الصيف حيث تؤثرعلى المناطق الجبلية الوسطى في الإمارات من مدينة الذيد وحتى مدينة العين مسببة العواصف الاعصارية المصاحبة للسحب الركامية وهطول الأمطار الغزيرة ويبدأ الغزو النسبي الحاد للرطوبة المرتفعة من بداية أغسطس وتتزامن ذروتها مع طلوع نجم " سهيل"وتستمر إلى منتصف سبتمبر بما يطلق عليه “ وعكة سهيل/. وأثبتت مخطوطات من القرن السابع عشر أن المحور الأكبر للكعبة المشرفة يتجه نحو نقطة شروق نجم سهيل بينما المحور الأصغر يتجه ناحية شروق الشمس في منتصف الصيف ولما كان سهيل نجما عملاقا وجبارا وأبيض اللون ويعد ألمع النجوم في السماء بعد نجم "الشعرى اليمانية" فقد كان الفلكيون المسلمون في العصور الوسطى يحددون اتجاه القبلة بواسطة هذه المعلومات الجغرافية حتى أن إحدى الدراسات في علم الفلك الحديث أكدت أن نجم سهيل ونجوم بنات النعش لعبت دورا كبيرا في تحديد اتجاهات القبلة في البلدان الاسلامية المترامية الأطراف في عهد النهضة الإسلامية. وهناك رياح تسمى برياح “ السهيلي” تهب من جهة سهيل اليماني وهو ما بين الغرب والجنوب وهذا الهواء لا يكون به سموم إلا إذا ذهب نهارا في أيام الصيف قرب الظهيرة. وقال الجروان ان نجم سهيل كمعظم نجوم السماء يختفي عن الأنظار فترة من السنة ثم يعود إلى الظهور فترة أخرى تبدأ في صبيحة الرابع والعشرين من اغسطس من كل عام ثم يأخذ ظهوره بالتقدم يوما بعد يوم إلى ان يرتقي وسط السماء منتصف الليل في نهاية ديسمبر ثم يظهر بعد غروب الشمس في الأفق الجنوبي الغربي مع نهاية مارس وبعدها يختفي لفترة او يستتر من مطلع مايو حتى يطلع من جديد قبيل شروق الشمس في 24 أغسطس ويكون أقصى ارتفاع له في الإمارات عن الأفق الجنوبي حوالي 12 درجة تقريبا وظهوره يستمر حتى نهاية فصل الشتاء في منطقة الجزيرة العربية وبسبب موقعه في أقصى الجنوب فإن رؤيته في شمال الجزيرة العربية نادرة وغير ممكنة في البلاد التي تتجاوز دائرة العرض "40" درجة شمالا. وتسمى النجوم والبروج التي تقع إلى جنوب خط الاستواء بالنجوم أو البروج الجنوبية أو اليمانية /نسبة إلى اليمن كما سماها عرب الجزيرة العربية في الماضي لأن اليمن تقع إلى الجنوب منهم” وكذلك فالنجوم التي تقع إلى الشمال من خط الاستواء السماوي تسمى النجوم الشمالية أو الشامية /نسبة إلى بلاد الشام التي تقع إلى شمال الجزيرة العربية” فالنجوم الجنوبية ترى من نصف الكرة الشمالي قريبة من الأفق الجنوبي للسماء فيرى سهيل في بلاد الشام والعراق وشمال الجزيرة العربية ومصر في الأفق الجنوبي وباتجاه الجنوب تماما بينما لا يرى سهيل من روسيا أو تركيا أو أوروبا ويرى في الصومال أو استراليا في كبد السماء. وبما أن الجزيرة العربية تقع على حدود 12 درجة شمال عند جنوب اليمن إلى 30 درجة شمال عند العراق وتقع الامارات على دائرة عرض 25 درجة شمالا في المتوسط وبناءا على الحسابات الفلكية فإن نجم “ سهيل” يكون مقترنا بالشمس وقت طلوعها في الإمارات بتاريخ 12 أغسطس أي يكون ماسا للأفق الجنوبي ذلك الوقت ثم يتقدم عن الشمس حتى يصل إلى ارتفاع 5 درجات فوق الأفق الجنوبي عند طلوع الشمس “ وهي أقل مسافة عن الشمس للنجم المرئي” يوم 24 أغسطس ويكون بعد هذا الوقت مرئيا وقت الشفق الصباحي قبل طلوع الشمس بمدة لا تقل عن 20 دقيقة.