رغم تراجع شعبية مسلسلات البيئة الشامية مقارنةً بالسنوات السابقة، إلا أنّها لا تزال تحظى بنسبة متابعة مقبولة لدى الجمهور العربي هذا الموسم. هكذا، عادت هذه الأعمال لتعرض قصصاً افتراضية عديدة عن تاريخ دمشق، وحاراتها، وتفاصيل الحياة فيها. علماً أنّ الفضل الأكبر في متابعة الجمهور لهذه النوعية من الدراما هو المسلسل الشهير "باب الحارة" بأجزائه الخمسة الذي حصد شعبية ساحقة خلال السنوات الماضية. هذا النجاح أدّى إلى شهرة الكثير من الأدوار والمهن الأساسية التي كانت منتشرة قديماً بين حارات الشام، كـ"الحمصاني" أو "الفوال" وهو بائع الفول، و"العكيد" رجل الحارة الشهم، و"الزعيم" حكيم الحارة الذي يسهم في حل مشاكل الناس. أيضاً من بين هذه الأدوار أو المهن التي كانت منتشرة في تلك الفترة، "الداية" وهي "الطبيبة النسائية التي تقوم بتوليد نساء الحارة" وتملك بعض المعلومات الطبية حول أمراض النساء. لهذا الدور أهمية كبيرة في البيئة الشامية قديماً، إذ يتجاوز دورها فعل التوليد إلى دور المشرفة الاجتماعية. كما لا يقتصر دور "الداية" على التوليد والإشراف على الحوامل، بل يتعداه إلى إسداء المشورة في أمور الزواج، ومصالحة الناس، والتقريب بينهم. أيضاً، من خلال دخولها كل بيوت الحارة، تغدو "الداية" أكثر معرفة بأهل الحارة، وعلى علاقة وثيقة بهم، ما يؤهلها للعب دور الناصح، وإسداء المشورة. كما أنّها تشعر بأنّ كل شباب وفتيات الحارة الذين ولدوا على أيديها هم أبناؤها، ما يجعلها قريبة منهم، وهم في المقابل يستشيرونها ويقدّرونها. هذا العام، تصدّت لأداء هذا الدور في مسلسلات رمضان 2012 مجموعة من الفنانات السوريات، على رأسهن منى واصف التي أدّت شخصية "الداية" سابقاً. لكن في "طاحون الشر" (تأليف مروان قاووق وإخراج ناجي طعمي)، تجسّد سيدة الشاشة السورية دور "الداية" بعيداً عما اعتاده الجمهور. إذ يغوص العمل في سرّ تحمله "الداية فخرية" منذ ثلاثين عاماً. وتقول الفنانة السورية عن دورها بأنّها تجسد شخصية الداية الهاربة من الحارة، وهي الوحيدة التي تعرف سر الطفل "زيدو" الذي ولد في القبر ثم تعود إلى الحارة بعد أكثر من عقد، لكن هذه المرة ليس بمفردها بل مع ابن ينخرط في صفوف ثوار الغوطة ضد الاستعمار الفرنسي. ومع استمرار عرض العمل وموعد اقتراب نهايته، لا تزال بطلته القديرة منى تبهر المشاهدين كالعادة ببراعة أدائها. أيضاً، لم يقتصر أداء دور "الداية" هذا العام على النجمات القديرات كمنى واصف، أو هدى شعراوي التي أدت قبل سنوات دور "الداية أم زكي" في "باب الحارة". إذ تخوض بعض الفنانات الأخريات تجربة أداء هذا الدور للمرة الأولى كشكران مرتجى التي تجسّد شخصية "الداية أم عبدو" في مسلسل "الأميمي" (تأليف سليمان عبد العزيز وإخراج تامر اسحق). ورغم صغر حجم مساحة دورها، إلا أنّ شخصيتها محورية في العمل، كما أنّها تحمل سراً يؤدي إلى تطور الأحداث. كذلك، فإنّ مرح جبر تعود هذا العام إلى أعمال البيئة الشامية بعد غيابها عنها لأكثر من عشرين عاماً. وتؤدي أيضاً دور "الداية ديبة" في "زمن البرغوت" (تأليف محمد زيد وإخراج أحمد ابراهيم أحمد). ويأخذ دور مرح  منحىً مختلفاً عما تم تقديمه سابقاً. وإضافةً إلى أنّها "داية الحارة"، فإنّ "ديبة" خطابة أيضاً تعرف كل فتيات الحارة، فتقوم بتسيير أمور الزواج لهن، وتشاركهن احتفالاتهن وأعراسهن ويومياتهن. كما تسهم في حلّ مشاكل نساء الحارة. وقد تميزت جبر بحضورها اللطيف في العمل.