لا يزال المريض النفسي يُشكل شمّاعة يُعلّق عليها الناس الاتهامات سواء كانت اجتماعية أو أمنية أو قضائية...

وعلى الرغم من إصابة حوالي 20% من البالغين بالمرض النفسي، خصوصاً الاكتئاب في مرحلة ما من حياتهم، إلا أنّ المريض في المنطقة العربية لا يزال يخجل من الذهاب إلى العيادات المختصة للعلاج خشيةً أن يوصف بالمجنون. ويرى كثيرون في المريض النفسي عيباً يلام عليه، ويسعى بعضهم إلى إقصائه عن العمل والحياة الاجتماعية وحتى منعه من الزواج تكوين أسرة.

تتعدّد الأسباب الكامنة خلف المرض النفسي، فقد تكون وراثية أو نتيجة ضغوط نفسية وبيئية أو تغيّر في الهرمونات العصبية أو وجود بعض التشوّهات الخلقية في المخ كتلك التي تحدث أثناء عملية الولادة. لكنّ الأمل في المستقبل وحياة زوجية مستقرة أصبحَ حقيقةً بعدما كان حلماً بالنسبة إلى المريض وعائلته.

نعم للزواج

اليوم وبعد العديد من الدراسات والأبحاث وتطوّر سبل العلاج والوقاية، أجمعَ عدد من الأطباء في المملكة العربية السعودية على أحقية تزويج المريض النفسي المستقرة حالته بعد توافر شروط معينة في الزواج ومكاشفة طبية واضحة عن حالته.

تزويج المريض الذي يعاني من حالة غير مستقرة وإجباره على الزواج قد يتسببان في تدهور صحته وحالته النفسية. لذلك، ينصح الخبراء كل الآباء الراغبين في تزويج ولدهم المريض بمراجعة الطبيب المعالج والاستفسار عن جميع النقاط لاستيضاح الحقيقة بالتفصيل من مصدرها.

عزلة هزيلة

وأكد البحث الذي خرج به مدير عام  الصحة النفسية والإجتماعية في وزارة الصحة السعودية الدكتور عبد الحميد بن عبدالله الحبيب زوال الأمراض البسيطة تماماً بالأدوية والجلسات النفسية، رافضاً أحقية أحد في منع المريض النفسي من ممارسة حياته الطبيعية أو مصادرة أي حق من حقوقه، بل يكون الزواج أحياناً أحد أهم عوامل تأكيد التحسن والاستقرار. أمّا الحديث عن عكس ذلك، فسيؤدي حتماً إلى عزل المريض عن المجتمع وإحساسه بأنّه أقل من غيره، وبالتالي تنتكس حالته ويزداد مرضه النفسي السابق كما أوضح الحبيب.

للمجتمع دور أساس

للأسف، هناك تضخيم للكثير من الأمراض النفسية البسيطة التي يسهل علاجها. بدلاً من أن يكون المجتمع عاملاً مساعداً لشفاء المريض وتشجيعه، قد يزيد المرض حدةً. ويرى إستشاري الطب النفسي في الهيئة السعودية للتخصّصات الصحية الدكتور رياض بن عبدالله النملة أنّ لكل حالة ظروفها وملابساتها، لكن بشكل عام لا بدّ أولاً من توافر شروط الزواج. وهنا يبرز دور سلامة الحالة العقلية للمريض في تفهّم معنى العلاقة الزوجية الحميمة وبالتالي أن يكون قادراً على ممارسة حياته ومتطلباته الأسرية والاجتماعية. معالجة المريض كما يقول النملة لا تكفي قبل الزواج، بل يجب المتابعة الطبية النفسية بعد  الزواج لضمان استمرار الحياة الزوجية المستقرة.

رعاية، حب ومشاركة

إذاً تعتبر المشاركة في تحمّل أعباء الحياة وتوفير الرعاية الأسرية والزوجية للمريض النفسي من أهم الأسس التي يجب الحفاظ عليها أثناء الزواج، فالمشاركة تعدّ خطوة هامة لمساعدة المريض على القيام بدوره الاجتماعي وتنمية إحساسه بانتمائه لمجتمعه وانتماء المجتمع له.