فكرت في عبارة "بموت فيك" التي تنشد التعبير عن أشد حالات الحب. وعن ماقيل من أن من الحب ماقتل وقيل كلك أن فلان يموت حباً. ووجدت من أحاديثي مع الأصدقاء أننا الرجال ربما لا نكون أقل موتاً في الحب من النساء، ولكننا أسرى لما تحمله القيم الاجتماعية والوصفات الذكورية عنا. فالرجل الذي يعبر عن عواطفه بالبكاء والشجن والحب مرتبط بالرجل الضعيف ويلزمنا بتحاشي مظاهر ضعفنا لنلتحق بالمجتمع ويرضى عنا.

الحب اختراع بشري

أتذكر كتاباً للفيلسوف إيريك فروم عن الحب وقوله أن الحب لم يولد مع الإنسان وانه نتيجة تطور الثقافة الحب كعلاقة انسانية تغير مع مرور الوقت وأنه اختراع بشري بامتياز. وأنا بدلا من الحديث عن الوقوع في الحب لابد أن نستخدم تعبير الوقوف في الحب. ربما لننقله من اللاإرادة إلى الإرادة. وباختصار إن جزء من تصورنا للحب يتضمنن أن الحب هو شيء يحدث لنا فجأة من دون تخطيط أو حساب ويرتبط بالمصادفة أو القدر هو شيء ننتظره لاهين ونترك له أن يحدث بمعزل عن إرادتنا. وهو بالمقابل شيء غامض وغير متعين وعصي على التعريف، مثله كمثل الروح أو الشعر أو الموسيقى. ويتأسس هذا التصور على إرث الرومانسبة البهي، وعلى الأرجح أن البشر عموماً لم يخرجوا بعد من حدود هذا التصور.

تأملي الحب دون أن تعكنني عيشه

في المقابل حين نقبل فكرة ان الحب اختراع بشري، شأنه شأن الصداقة فهي علاقات لا تتعرف بحكم الطبيعة أو الغريزة بل تساهم الثقافة بمعناها الواسع في تشكلها وتكونها، فإن ذلك يساهم في تغيير فكرتنا عن الحب. ولا يعني هذا إلغاء هذه التصورات بل وعيها وإدراكها. وهكذا لا يكون الحب حقلاً من المشاعر فقط  بل مادة للنظر والمشاهدة والتأمل.

ولا يتطلب الأمر أن نعكنن على عيش الحب ونثقله بأفكار بل أن نعيشه على نحو أفضل.

النساء لسن عاطفيات الرجال ليسوا أقل رومانسية

وعند تمييز الفرق بين أن الحب قدري أو من اختراعنا فهناك أيضاً صور نمطية لابد من معالجتها عن النساء والحب أنهن انفعاليات عاطفيات غيورات ويتركن حصة كبيرة من العقل للغريزة. وهذه الصور النمطية هي أيضا تدخل في تعريف عملية الحب، والنساء يعشن الحب بمقتضى الصورة النمطية الشائعة عنهن والرجل يحاول أن يتصرف يمقتضى هذه الصور عنه أيضا البارد العقلاني المنطقي الذي تقع على عاتقه مهمة إدارة الحب.

حكمنا عليك أيها الحب

إذن فالحب محكوم بالصورة النمطية وحتى وإن كانت لا تشبهنا ولكننا نعرف أنفسنا ونفهمها بطريقة خاطئة...والواقع يكذب دائما هذه الصور فالمرأة التي نتهمها بالعاطفية والانفعالية هي التي تدير مؤسسات كبيرة أو صغيرة أو حتى مصروف البيت وتربية الأبناء. والرجل لم يقصر يوما في الغناء وكتابة الشعر عن الهجران والغرام.

نحن إذن أكثر مما يقال عنا والحياة اكثر تعقيدا من الصور النمطية التي نستخدمها لفهم أنفسنا والحكم على الآخرين..و صباح الخير يا اختراعنا الجميل الحب...وقد نحتاج أن نضيف إليك بعض التعديلات لتصير أكثر رأفة بقلوبنا...