لم ننس بعد قصة أمينة الفيلالي في المغرب، المراهقة التي أحرقت نفسها بعد أن زوجت قسراً من مغتصبها، حتى طالعتنا الصحف الأردنية بقصة فتاة تبلغ 13 عاماً اغتصبت لثلاثة أيام متوالية وبهمجية مفزعة ثم تم تزويجها من مغتصبها ليسقط عنه  الذنب وحكم القانون. فالقوانين في معظم البلاد العربية تحمي المغتصب إن هو تزوج من الضحية.

الحادثة الأردنية أثارت حنق وسخط الحقوقيين ليس فقط بس القانون 308 الذي يحمي المغتصب. بل لبعض ما أتحفنا به علماء الاجتماع من أن المرأة تستطيع أن تنسى جروحها وتتقبل مغتصبها بصدر رحب وتعيش معه حياة زوجية طبيعية بعد مدة. ولا ندري من أين جاء عالم الاجتماع حسن الخزاعي بهذا التحليل الذي يخلو من أي نظرة إنسانية للضحية، فالطفلة لا تغتصب فقط ولمدة ثلاثة أيام متتالية وبوحشية بل إنها تزوج من هذا المجرم. ويتوقع منها محللون الاجتماع أن تتقبل ذلك عن طيب خاطر لتحمي المجتمع ويستر المنتهك على عرضها الذي هتكه!!

ولا يكتفي الخزاعي بذلك الرأي بل يتحفنا بضرورة الإنجاب بسرعة من هذا الزوج وعدم ذكر الماضي ولا لوم المغتصب لكي يجري قارب الحياة الزوجية في هذا النهر الموحل! فكيف يصح بناء الصواب على خطأ ياخبراء علم الاجتماع؟

والأدهى من ذلك أن القانون يكفل للمغتصب حق تطليق ضحيته بعد 5 سنوات، فأي عدل؟ وكيف هذا والأصل في عقد الزواج الشرعي أن لا يكون محدداً بمدة في الأساس؟ 

لم تسكت منظمات المجتمع المدني وخاصة النسوية في الأردن عن هذه القضية، وطالبت بإلغاء المادة 308 من قانون العقوبات، التي تعفي المغتصب من الملاحقة الأمنية بحال تزوج من الضحية. ولكن وكما تقول أمين عام اللجنة الوطنية لشؤون المرأة اسمى خضر ان تعديلات قانون العقوبات، التي جرت قبل اشهر، لم تستجب لمطالبتها بإلغاء هذه المادة.

وبحسب المحامية إيفا أبو حلاوة -مديرة مركز مجموعة القانون من أجل حقوق الإنسان 'ميزان'-ورئيسة اتحاد المرأة الأردني آمنة الزعبي، فإن أكثر من 95 % من حالات الاغتصاب في الأردن فر فيها المجرم من العقاب، سواء بزواجه من الضحية، أو بتنازل الأهل عن الحق الشخصي. أو تم تخفيف الحكم إلى سنة بتحويل الجريمة من اغتصاب إلى هتك عرض بعد قبول أهل الضحية.

يذكر أن محكمة الجنايات الكبرى تنظر منذ بداية العام الحالي في 91 قضية اغتصاب، فيما حققت المحكمة نفسها في الفترة بين عامي 2007 و 2009 في 23 قضية اغتصاب لقاصرات. وقد شهد العام 2008 تسجيل 254 قضية اغتصاب في البلاد، لترتفع الى 263 قضية في العام الذي تلاه، ثم انخفضت الى 250 قضية العام الماضي.