تزيدنا البرامج التي نشارك بها في بلاد العالم الأول، كما يحلو لعلماء السياسة تصنيفه،ثقة بأننا في طريقنا الصحيح وأن ما أنجزناه في بلادنا على صعيد اجتماعي وثقافي يضعنا في الصفوف الأولى كنساء قادرات على تخطي التحديات، يساندنا في ذلك القوانين والتشريعات المنصفة والمجتمع الذي بات يقبل التغيير شيئاً فشيئاً ويسانده.

هذا ماتوصلنا إليه بعد مقابلة عدد من النساء القياديات الإماراتيات، كل في مجال مختلف، من اللواتي يشاركن في برنامح "تطوير الأجيال القادمة من القيادات النسائية" الذي بدأت أولى أيامه أمس في واشنطن وستستمر حتى 19 من نيسان الجاري. ويقام بتنظيم منCEDPAمركزالتطويروالنشاطات الجماهيرية.  تضمن اليوم الأول عدة محاور تناولت مقدمة عن البرنامج وتعارف غير تقليدي بين المشاركات، إضافة إلى لقاء مع السفيرة السابقة للباكستان بأميركا والتي قدمت شهادة ملهمة ومهمة حول تجربتها بحسب المشاركات. كما تناولت الجلسات الأولى محور الذكاء العاطفي ومبادئ القيادة الفاعلة.

"أنا زهرة" جالت بين بعض المشاركات تسألهن حول انطباعاتهن عن يوم البرنامج الأول:

لقد تفوقنا بالمساواة أجل، هذا ماتؤكد عليه د.علياء بوخاطر التي تشغل منصب مستشار دبلوماسي في إدارة الشؤون الأميركية والباسيفيكية، بوزارة الخارجية الإماراتية. فتقول: "منذ أن كنت أدرس في الولايات المتحدة في التسعينيات والمرأة تعاني من القضايا نفسها، فهن مازلن يعانين من عدم التكافؤ في الفرص واللامساواة في الأجور بين الرجل والمرأة، بينما نحن حققنا أكثر من ذلك بكثير؛ فـ60% ممن يعملون في الإمارات هم النساء. أما تكريم المرأة وتقديرها ومساواتها فهو أمر حسمه ديننا الإسلامي من البداية ونحن لا نعاني مما تلاقيه النساء هنا".

وتخرج د.بوخاطر بانطباع جيد عن اليوم الأول من البرنامج، فهو شيق ومتنوع ويحمل وجهات نظر مختلفة من خلال المحاضرين من بلاد مختلفة أيضاً، الأمر الذي يغني التجربة ويضيف عليها بعداً جديداً.

ولكن ماهي أصعب التحديات التي تواجه المرأة في موقع قيادي؟ نسأل د. بوخاطر التي لا تتردد بأن تجيبنا، وهي الزوجة والأم، أن أكثر الصعوبات التي تواجه المرأة هي تقسيم الوقت بين العائلة والعمل. فمسؤوليات المرأة أكثر من الرجل حين يتعلق الأمر بالأسرة مما يزيد قائمة مهامها طولاً. رغم ذلك، تجد د.بوخاطر الوقت، ليس فقط للنجاح بل للإبداع في مكانها والوصول لمكانة أكاديمية ووظيفية متميزة.

الكرة في ملعب المرأة أما رئيس قسم إدارة الاتصال الحكومي،في مكتب رئاسة مجلس الوزراء بالإمارات ميثاء بوحميد فتثني بدورها على البرنامج، الذي حرص المنظمين منذ البداية على إثرائه من خلال التواصل مع المشاركات والتنسيق معهن في التنظيم واختيار المحاور والإعداد لبرامج العمل.

وعن يومها الأول في البرنامج تؤكد بوحميد على أهمية التنوع الذي عززه اختلاف مشارب وخبرات المحاضِرات المتخصصات في مجالات متنوعة، مبينةً أن المواضيع تميزت بجدتها وتضمنت وجهات نظر جديدة من أشخاص لهم باع طويل في هذا المجال.

وشددت بوحميد على أهمية التكامل بين مشاركات شابات ومحاضِرات واجهن الكثير من التحديات حتى وصلن لمواقعهن ولن يبخلن على المشاركات بتجاربهن، ولكن ماهي أهم التحديات التي تواجه المرأة العربية؟ نسأل بوحميد وتفاجئنا برأيها الشجاع: لاشيء يقف بين المرأة وحلمها. في الإمارات تم توفير كل شيء من القوانين والفرص والتشجيع، لاشيء ينقص المرأة سوى أن تؤمن بنفسها ثم أن تبادر. وتضيف أنه وحتى هذه النوعية من البرامج التي تهدف إلى صقل المهارات وتعزيز الثقة بالنفس وبالقدرة على تولي دفة القيادة، يوجد مثلها وربما بإمكانيات أفضل في بلدنا. إذن فالكرة في ملعب النساء وعليهن أن يبحثن عن مكامن الإبداع ويصقلنها بالدراسة. وفي الحقيقة إنطموح بوحميد هو إتمام دراستها العليا،مؤمنة بأن العلم والبحث هو مايفتح الأبواب ويذلل التحديات ويقودها إلى الارتقاء في عملها.

اخرجي من محيطك لترينه جيداً منذ اليوم الأول في البرنامج تقول مدير مكتب نموذج دبي،في مجلس دبي التنفيذي،إيمان السويدي "لقد لمسنا أننا متفوقات في بلادنا على معظم بلدان المنطقة، المرأة الإماراتية حققت الكثير ودخلت كل المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية من دون أن يعرقل طريقها أحد لا القانون ولا المجتمع. ولا أدل على ذلك من رعاية وزيرة التجارة الخارجية الشيخة لبنى القاسمي للمشاركات في هذا البرنامج، كأنها ترسل بذلك رسالة دعم وتشجيع لكل النساء. وتوضح السويدي أن علينا دائماً كنساء أن نخرج من محيطنا ونراه من الخارج لنعرف أين وصل وماهي ميزاته ونقاط قوته وكيف  يمكن أن نطوره.

وتضيف "كل مانحتاجه هو بوتقة تصقل فيها المواهب وتدرب فيها الخبرات وتبث روح التشجيع في الأجيال الجديدة". وعن مايميز البرنامج تبين السويدي "يميزه تنوع المشاركة ووجود هذا النسيج الغني من مشاركات من دول الشرق الأوسط لتتاح لنا فرصة الاطلاع على تجارب مختلفة". وتضيف "يهمني كذلك تنوع أجندة العمل وتقسيمها بين الجانب النظري والجانب العملي وفرصة اللقاء بدبلوماسيين ودبلوماسيات وقيادين وقياديات، إنها بالفعل تجربة مهمة في التعرف على كيفية صناعة القرارات والسياسات". وكأي امرأة قيادية تجمع السويدي بين الحلمين الخاص والعام في حلم واحد فتقول "أحلم بأن أكون سفيرة لبلادي أينما كنت وحللت".

الإماراتيات محظوظات كانت رئيسة تحرير موقع "أنا زهرة" الإعلامية هلا القرقاوي تخشى أن يقع البرنامج في الطريقة النمطية التقليدية لورش العمل، خاصة وأن معظم المشاركات يتركن خلفهن مسؤوليات كبيرة في سبيل تطوير مهاراتهن، لكن ولحسن الحظ لم يخذل البرنامج المشاركات فيه. فهو منذ اليوم الأول، بحسب هلا، استخدم أدوات جديدة ومميزة فعلاً في إدارة ورش العمل وطرق تقديم المحاور المختلفة للبرنامج. فأغناه بالخبرات وبطرق التشبيك بين المشاركات ودمجهن معاً منذ اللحظة الأولى في النهار.

وتركزالقرقاوي على أهمية التنوع في الورش فكل واحدة من المشاركات قادمة من حقل مختلف في مجال العمل مما يزيد البرنامج ثراءً. وتزيد على ذلك مشاركة بلدان مختلفة من الخليج وكذلك مصر، مما أتاح فرصة المقارنة بين التحديات والأدوار القيادية التي وصلت لها المرأة هنا وهناك. وهو أمر،تشير القرقاوي، إلى أنه يثبت لكثيرين كم هي محظوظة المرأة في الإمارات بما تلقاه من دعم يفوق مايلقاه الرجل أحياناً، مدللة على ذلك بنسبة الإماراتيات المشاركات في البرنامج والتي تصل إلى 80% تقريباً من أصل الحضور، مما يلفت إلى ثقة مؤسساتهن بهن كقيادات شابة.

وفيما يخص التحديات التي تواجه المرأة كقيادية، فلا تختلف القرقاوي مع زميلاتها إذ ترى أن التحدي الذي تواجهه معظم النساء أن يتمكنّ من الموازنة بين الحياة والعمل، وهو أمر يعتبر مهارة من ضمن مهارات القيادة. أما عن خصوصية الدور القيادي للمرأة التي تعمل في قطاع الإعلام، فهو في نظر رئيسة تحرير الموقع المختص بشؤون النساء، دور مركب يتعلق بجانبين من القيادة.

الأول أن تقدم للجمهور، الذي ينتظر منك الكثير، مادة تنفعه بحق ويكون لها معناها ودورها في حياة هذا الجمهور. والثاني أن توازن بين حرية الصحافي في التعبير والحفاظ على مصداقية مايعبر عنه والتوثق من كل كبيرة وصغيرة. إنها مسؤولية من نوع خاص لأنها مرتبطة بالجماهير بشكل مباشر.