ربما تكون تجربة بلوغ الفتاة هي من أكثر تجاربها خصوصية وحميمية في حياتها، والتي تؤثر فعلياً وبشكل مباشر على علاقتها بجسدها وموقفها من أنوثتها. لا سيما إذا لم يتم تفهم مسألة البلوغ أو تم استقبالها بتجربة قاسية مثلاً.

والبلوغ هو عملية تحول تنتقل فيها الفتاة إلى أن تمتلك مواصفات جسد المرأة، وتتغير حالتها النفسية والعصبية بسبب إفراز الجسم لهومونات تحفز جسدها لينمو بطريقة مختلفة، فتنمو الأثداء ويتفصل الجسم في منطقة الحوض وبعد مرور ستة أشهر من التغيرات تبدأ الدور الشهرية وترى الفتاة دمها لأول مرة من أكثر مناطق الجسم حساسية وأكثرها تأثراً بتقاليد المجتمع..إنها منطقة الرعب بالنسبة للكثيرات اللواتي لم تتح لهن الفرصة في توعية مناسبة من قبل الأم.

أنا زهرة استمعت إلى تجارب بعض النساء منها ماهو قاس ومنها ماهو طريف ومنها ماهو حميم ودافئ...

رندة (38 عاماً)
أذكر أنني كنت عائدة من المدرسة وأشعر بسخونة في كل جسمي، وحين دخلت إلى البيت نمت على الفور وحين أفقت كانت بقع الدماء قد وسخت فراشي. لقد خفت كثيراً وبدأت أبكي ولم يسبق لي أن تحدثت مع أحد حول هذا الموضوع ولم تهيئني أمي لما سيحدث. كان الألم شديداً. أخبرت أمي والتي اكتفت بأن قالت: لما تكبري بتفهمي وهذا موضوع طبيعي.

دينا (18 عاماً)
كنت في المدرسة ولكني كنت أعرف عن الموضوع من صديقاتي، تألمت كثيراً وطلبت أن يتصلوا بأمي لتحملني إلى البيت. وفعلاً أتت أمي وأخذتني إلى البيت وأعدت لي فنجاناً من القرقة ووضعت رأسي في حضنها. أتذكر كيف كانت مسرورة وقالت لي: لقد كبرتِ يا حبيبتي. ظلت أمي تعتني بي جيداً وفي اليوم الثاني حممتني بنفسها وظلت ترعاني كأنني طفلة صغيرة. بعد أيام احتفلت بي فعلا وأحضرت لي فستاناً جميلاً تعبيرا عن سعادتها بي.

عايدة (29 عاماً)
أمي كانت قاسية علي، أنا كنت مندفعة وخائفة أتيت أركض إليها وسط الضيوف كان عمري 12 عاماً، وكنت أصرخ وفي الصالون أصدقاء وصديقات أمي وأبي دخلت عليهم وقلت لها بخوف: أمي الدماء تملأ ثيابي. فماكان منها إلا أن صفعتني. وسحبتني من كتفي إلى الداخل. عاقبتني يومها لأني قلت شيئاً معيباً أمام الغرباء من الرجال والنساء. أعطتني من عندها مايلزم. وقالت لي إذهبي إلى النوم والصباح رباح. أتى الصباح لكنها لم تقل لي شيئاً ولم تشرح لي أي شيء، طلبت منها أن أظل في البيت ولكنها أرسلتني إلى المدرسة معتبرة أنني أتدلع ومن غير المعقول أنني لم أسمع عن هذه الأمور من صديقاتي.

روزا (35 عاماً)
روزا من فلسطين تقول إنها لن تنس يوم بلغت أبداً فقد حدث ذلك أثناء توقيف حافلة كانت تركبها مع والدتها عند أحد الحواجز، أمر العسكر بنزول كل الركاب تقول روزا التي كانت تشعر بشيء يسيل ويغرق ثوبها. انتبهت لها أمها وخالتها اللتان كانتا معها. فجعلتاها تمشيان بينهما. والجندي انتبه أيضاً لكنه فتشها رغم ذلك. تقول كان كل شيء يبعث على الخوف والحزن والخجل.

التجربة الأولى مهمة لأنها تؤسس علاقتك بجسدك، فإذا لم تكوني محظوظة وقاسيت الكثير، فأرجو أن تساعدي ابنتك أو أختك الصغيرة في أن تمر بتجربة أفضل من تجربتك وأن تتجنب الجهل والخوف والألم.