مشاكل النوم والأرق تهدد حياتنا وتزيد نسبة تعرّضنا للأمراض. تثبت دراسة حديثة أنّ قلة النوم تؤذي الكلى. للتكلم أكثر عن هذه الدراسة ومشاكل النوم، التقت "أنا زهرة" أيمن بدر كريم استشاري الأمراض الصدرية واضطرابات النوم، المشرف على مركز تشخيص وعلاج اضطرابات النوم في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية للحرس الوطني في جدة.

ما هي أهمية النوم في حياتنا؟
يحتاج جسم الإنسان البالغ إلى ما معدله 7ـــ 8 ساعات من النوم في اليوم. من ضمن وظائف النوم المهمة، إعادة شحن الطاقة والإسهام في النمو الجسدي والعقلي، وصيانة أعضاء الجسم لضمان قوة التركيز والنشاط أثناء النهار. وهنا، لا بد من الحديث عن أهمية نوعية النوم واستقراره أثناء الليل الذي لا يقل أهمية عن عدد ساعات النوم الكافية. فالمريض الذي يعاني من رداءة طبيعة النوم قد يعاني من المشكلات نفسها التي يعاني منها المحروم من ساعات النوم الكافية.

لماذا تعاني النساء من قلة النوم أكثر من الرجال؟
من الملاحظ ارتفاع نسبة الأرق والحرمان من النوم الجيد لدى النساء مقارنة بالرجال. أما الأسباب فهي: التغيرات الهرمونية، سوء العادات السلوكية، القلق النفسي، الإفراط في تناول المنبهات، ارتفاع نسبة التدخين، آلام العضلات.

كيف يضرّ الحرمان من النوم وظائف الكلى؟
أظهرت نتائج تلك الدراسة الحديثة ارتباط الحرمان المزمن من النوم، بزيادة فقدان البروتين الدموي عن طريق الكلى، وارتفاع نسبته في كميّة البول، ما يشكّل عاملاً للإصابة بقصور وظائف الكلى على المدى الطويل، وهذا بحدّ ذاته إشارة إلى اضطرابات وظائف الأعضاء المصاحبة للحرمان من النوم على المدى الطويل.

هل يمكنك أن تخبرنا أكثر عن هذه الدراسة؟
خلال الفترة بين 2006 و2010، تمت متابعة أكثر من 6800 عامل من صغار العمر ومتوسطي الأعمار (20 ــــ 60 عاماً)، وسؤالهم عن عدد ساعات نومهم اليومية، وإجراء فحص لنسبة البروتين في البول، إضافة إلى بعض المعلومات والفحوصات الأخرى ضمن دراسة أولية قامت بها مجموعة من الباحثين اليابانيين، يترأسهم الدكتور ياماماتو من جامعة أوساكا اليابانية، ونشرت نتائجها في العدد الأخير من "المجلة الأميركية لأمراض الكلى".
وخلال فترة المتابعة، أصيب 8% من أفراد العينة بفقدان البروتين عن طريق الكلى. وظهرت زيادة نسبته في البول لدى الأشخاص الذين قلّ عدد ساعات نومهم خلال الليل.

هل تسبّب قلة النوم زيادة في الوزن؟
بصورة عامة، نعم. فقد أشارت دراسات عدة إلى ارتباط الحرمان من النوم بالوزن الزائد لدى الأطفال والكبار. ومن الملاحظات المؤدية إلى هذه النتيجة، اختلال عمل هرمونات الشبع والجوع، وهرمون الكورتيزول، واضطرابات التمثيل الغذائي وإفراز هرمون الانسولين. والحقيقة أنّ المحروم من النوم لساعات طويلة، يتمتع بشهية أكبر لتناول مزيد من السعرات الحرارية وتخزينها على هيئة شحوم.

ما هي العواقب الأخرى الناتجة عن قلة النوم؟
تعكّر المزاج، وقلة التركيز، وسوء الذاكرة قصيرة الأمد، وصعوبة إعطاء الآراء السديدة، وقلة التحصيل العلمي والإنتاج الوظيفي، إضافة إلى زيادة النّعاس والنوم القهري أثناء النهار، وخطر الوفاة المبكرة، والإصابة بارتفاع ضغط الدم، وحتى ارتفاع احتمال الإصابة بالزكام والتهابات الشعب الهوائية، نتيجة اضطراب وظائف جهاز المناعة. لكن من أخطر مضاعفات الحرمان من النوم زيادة نسبة حوادث السيارات والعمل.

كيف يمكن تخطّي مشاكل الحرمان من النوم؟
لا يمكن التخلص من الآثار الخطيرة للحرمان الحاد أو المزمن من النوم، إلا بالنوم السليم وأخذ القسط الكافي من الراحة أثناء ساعات الليل. تجنب التدخين، والتقليل من تناول المنبهات، الابتعاد عن السهر، تجنب الانشغال بالهاتف الخليوي، وانتظام ساعات النوم. يجب أن نعتبر النوم واحداً من أهم الأولويات في حياتنا الاجتماعية، وبالتالي يجب احترام مواقيته بصفة يومية. أما من يعاني من الأرق المزمن أو عدم القدرة على ضبط مواعيد النوم والاستيقاظ، فمن الضروري زيارة طبيب اضطرابات النوم، في أقرب فرصة لعرض المشكلة وطلب النصيحة والعلاج المناسبين.