قضية اليوم للزوجة"يسرا" المعقود عليها ولم يتم الزواج رسمياً بعد، تعمل محاسبة وتبلغ من العمر 23 عاماً. جميلة راقية مؤدبة. والزوج اسمه  "طلال" مهندس شبكات طيب قليل الخبرة ضعيف الشخصية أقل منها جمالاً، لكنه ثري و له مستقبل باهر في عمله.

    بدأت هي بطلب الطلاق، وبسؤالها عن السبب قالت: الأفضل من الآن قبل أن يصير بيننا أولاد ودخلة لأني باختصار اكتشفت أن زوجي العزيز قراره في كل كبيرة وصغيرة ليس بيده.

فقلت لها: ربما هو بار بوالديه لدرجة أنه يحب استشارتهم في كل شئ. قالت:بالعكس أحب الزوج البار بأهله، لكن يصل الأمر أنني لا أختار حتى الشبكة بل والدته التي احتارتها، والقاعة والدته تختارها، والأثاث، حتى فستان العرس حتى أدق الأشياء. الأم داخلة في كل شئ. وإن رضي عني رضي هو عني، وإن انزعجت او زعلت زعلاص بسيطاً ينقلب معي و يسئ معاملتي، هذا بالإضافة إلى أني انسانة متربية في بيت يحترم أراء الأخرين وإن كنت الأنثى الوحيدة بين أربعة أخوة.

قلت: هذه هي أسباب طلبك للطلاق فقط؟

قالت: لا أيضاً معاملة حماتي مختلفة كثيراً عن بيئتنا، فهم يحبون أن يتفرج الجيران والأصدقاء وكل من هب ودب على عروسة ابنهم وأنا ما قلت شئ لكن بالعقل لأني مش بضاعة كل مرة ضيف يشوفني.

أمر أخر لما كنا بالفندق معزومين هو من عادته لازم يجيب والدته معاه في أي مشوار، وتفاجئنا بمعاملتها لي أنا وأمي حيث تجاهلتنا تماما و طلبت لنفسها المشروب من دون أية اكتراث لوجودي أنا وأمي، ونحن تربيتنا ليست هكذا.

كمان كنت أزورهم وهم لم يدعوا عائلتي ولا مرة، حين أريد العودة لبيتنا أفاجئ بقول والده لي: هو تصريح الخروج انتهى ..بكلمات كتير سخيفة وتضايقني.

وكنت ألاحظ كمتخصص ومن خبرتي البيئة الراقية التي أتت منها الزوجة، كان واضحاً من أسلوبها و طريقة ردها المؤدبة. عكس حماتها التي استمعنا إليها وتبين لنا أنها هي الكل في الكل و أنها شديدة وتريد الكل تحت طوعها. وبما أن الزوجة قوية الشخصية لم تحتملها الحماة، خاصة عندما طالبت ببيت مستقل تعيش فيه مع زوجها. فقالت لها الحماة: اعملي حسابك بعد فترة بنعيش معاكم إنتِ وابني لأننا كبرنا ومابنترك ابننا لحاله.

قالت : الزوجة أحسست كأني دخيلة عليهم هخطف ابنهم منهم. الأمر الأخطر هو شخصية زوجي فهو من النوع الذي ينقل كل ما يسمعه مني لأمه وكل كلمة أهلي ينصحوه بها تنقل لأمه، وتأخذها حماتي بمعنى آخر وتكبر المشاكل. وهذا شئ يهددني. كيف لو صار بيننا خلافات مستقبلا مين هينصف مين؟ و مع من سنتفاوض والكلمة مش لزوجي ولا لوالده بل لحماتي وبس .

 وفعلا، جاءت الحماة وكنا  نستمع لها ونراها تقاطع والد الزوج و تقوله "اسكت انت مو فاهم حاجة". فهذا معناه التسلط حتى في أبسط الحقوق وهي حرية الكلام، فهي غير مكفولة إلا لها هي فقط. فمابالنا بالابن سيكون أضعف أمامها. ويوم أن طلبت البنت الطلاق أسرعت بشحن ولدها أن يطالب العروس بكل درهم صرفه وترد كل شئ وكادت تطلب فلوس الأكل والعزائم.

و بعرض ما قالت على الزوج اتضح من كلامه ضعف شخصيته و لم يكن لديه ردود، وكل ما يهمه أنها "مش عارفة ترضي أمي، وأنا أطالبها أنها تخرج مع أهلي كتير و تكون كلمتهم ماشية عليها".

فما كان مني إلا أن قلت له: هل هي تزوجتك، أم تزوجت الأهل؟ إن برّك بوالديك لايعني ظلمك لزوجتك وضغطها في أمور هي من حقها، كاختيار الأثاث والقاعة والشبكة والبيت و لاداعي من تدخل الأهل. ثم لماذا تنقل كل ما يقال لك لوالديك، مع الآسف السبب الحقيقي في وصولكما للانفصال هو أنت. فلو حاولت تصلح بين الطرفين كان أفضل لكنك لضعفك تركت الحرب مشتعلة بين الطرفين زوجتك وأهلها أمام أهلك.

وأثناء النقاش زادت الطينة بلة بأن قال الزوج لو أردتِ الطلاق أدفعي لي كل ما خسرته وردي كل ما دفعته، طلب ذلك بأسلوب لا يليق ووضعها بين خيارين: فإما تتزوجيني وتتحملي كل طلبات أهلي و عاداتهم وأوامرهم وإما تدفعي كل شئ.

 وهنا كان قرار الزوجة الذي أيدناها فيه: أن تتصرف وتدفع ما يريدونه بدلاً من أن تكمل حياتها بتعاسة مع أسرة وزوج مختلف تمام الاختلاف عنها، وزوج ليس قراره بيده مما ينذر بكوارث ومشاكل مستقبلية بسبب أن مساحة التدخل ستكون كبيرة من أهله في حياة الزوجة معه.

وماكان من الزوجة إلا أن سلمته كل ما طلب مقابل النجاة من مستقبل تعيس محكوم عليه من البداية بالفشل فليست هي من ثوبه ولا هو من ثوبها.

فانتبه أيها القارئ و أيتها القارئة عندما تختار شريك الحياة اختر قبله الأهل، فربما هو طيب و لكن لا يملك قراره ولا شخصية له ومن هنا تقع الكوارث. فأحسنوا الاختيار منذ البداية لأن الذي خسر هنا في قصتنا هذه هو الزوجة خسرت المال وخسرت أنها حصلت على شهادة "مطلقة"، كل ذلك بسبب سوء الاختيار لا أقول للزوج فقط بل لأهل الزوج أيضاً.

اشرف العسال

مستشار ديني وأسري بدائرة قضاء أبو ظبي