لقد أصبحت كلمة خيانة زوجية تهمة ألصقت بكثير من الأزواج والزوجات. وقد يكون الأمر أقل من أن نسميه خيانة فقد ترى الزوجة رسالة نصية فيها شبه دعاء بالمحبة في الله أو دعاء ليوم الجمعة فتنهار وتقلب البيت وتشعلها نارا و تسأل (رقم مين ده ؟ أنت خاين طلقني ... ) وغيرها كثير من المواقف التي أصبحت أحكامها مطاطية. وهذا نراه واقعا عمليا يوميا في القضايا التي تعرض علينا لذلك نقول للزوجات بل وللأزواج إياك أن تجعل صوت رنة تليفون أو شخص اتصل بالخطأ أو امرأة تغار منك فأرادت تشكيكك في زوجك توصلك للطلاق، ليس هكذا تؤخذ الأمور وتحل إن الخيانة في الشرع هي أن تقع والعياذ بالله حالة زنى واضحة وصريحة وأكون رأيت بعيني وسمعت بأذني .

 جاءتنا السيده (خلود) تشكو خيانة زوجها وتصيح وتبكي و تقول طلقوني منه أنا ما أقبل على نفسي .

فحاولنا تهدئتها حتى نعرف ما المشكلة بالتحديد، لكن قبل سماعها قلت لها كمقدمة لحديثي معها يا سيدتي:

 لو كان الأمر مجرد رسالة أو مكالمة تليفونية فهنا الحل سهل وبسيط وهو الجلوس مع الزوج ومناقشته بهدوء، والبحث عن سبب إعطائه الفرصة لبعض النساء ليكلموه أو يرسلوا له مثل تلك الرسائل. و مرة في مرة مع محاولاتك فهم طبيعة زوجك فربما هو فاقد للحنان منك أو كلمات الإعجاب و يسمعها بره، ربما قلة احترام بعض الزوجات لزوجها، ربما تمنعك عليه بالفراش المهم أعرفي أين الخلل ؟

فردت الزوجة وقالت: يا سيدي الموضوع أكبر من ذلك!

وأخرجت حجوزات لغرف بالفنادق مسجل عليه اسم زوجها واسم امرأة أخرى، بل أكثر من حجز مع أكثر من امرأة .. ثم قالت يا ليته متزوج من امرأة أخرى، أرحم من نار الخيانة التي أعيشها معه و دليل أخر ياسيدي، هل تعرف كيف شعور المرأة عندما تجد ( كوندوم) بالعشرات في سيارة زوجها؟ لمن يستعملها وهو لا يقربني منذ سنتين؟ و حين أجد، وأنا اسفة على جرأتي، أدوات ووسائل تستعمل في العلاقات الجنسية مستوردة من بره، في ماذا أفكر؟ وحين يخرج من البيت و ينسى الموبايل الثاني مفتوح في جيبه وأسمعه يقول: أنا طلعت خلاص من البيت وفي طريقي للفندق وبعدين أشتريلك العطور قبل ما نتقابل.

 يا سيدي جاءتني الأمراض النسائية من زوجي جاءتني الأمراض النفسية. تعبت منه وفوق كل هذا يكذب و يقتر علينا بالنفقة ويعاقبني بترك البيت بالثلاث أيام. ولم أجد من ألجأ إليه غيركم لتعطوني الحل، هل أترك بيتي وأولادي وأتطلق منه؟ أم ماذا أفعل؟ أكاد أجن. وأنا ما قصرت في اللبس والزينة والعطر ونظافة بيت لكن مش مالية عينه.. وبدأت تبكي بحرقة شديدة.

قلت: أختي الكريمة اسمعيني بعقلك قبل قلبك. أنا معك أنه في حالة الخيانة الحقيقية وهي الزنا ووجود الدليل القطعي على ذلك فأنصحك وأنصح من هن يعانين من نفس مشكلتك باتباع عدة الخطوات الهامة جداً وهي:

1-         الستر على زوجك لأن سمعة ابنائك وبناتك من سمعته. والحديث يقول (من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة) فكما نستر على الغرباء واجب علينا عندما يخطئ شريك الحياة أن أستر عليه مهما كانت آلامك ومتاعبك منه.

2-         عدم نشر القضية خارج البيت لا لصديقة ولا لأقارب وخاصة والديك لأنه لو كان في أمل في إصلاحه فإن التشهير سيوصل حتما للطلاق والمحاكم والقضايا و السب وقطع الأرحام وهلم جرا من سلسلة من المشاكل الاجتماعية ومن الضحية؟ صدقيني هم أولادك.

3-         احتواء الزوج بمعنى أن تعتبريه شخصاً مريضاً وأنت الطبيب الوحيد في العالم الذي سيجد له الحل والدواء. أعطه الفرصة للتوبة واعرفي نقاط تقصيرك أنت وعالجيها واذهبي به للعمرة مثلا خليه يصلي مثلاً، احتويه وكوني له أما وأبا وصديقة وزوجة وحبيبة. وأذكرك هنا بموقف النبي الكريم القدوة حين وقع حديث الإفك على السيدة عائشة واتهمها منافقو المدينة بما اتهموها، فإذا بالنبي يصعد على المنبر بعدما زادت الشائعات وقال معلماً لكل زوج وزوجة عدم تصديق الشائعات و اتباع الأكاذيب وتخريب البيت وتطليق الزوجة على أوهام أو مكائد سواء من الأهل أو من الأغراب قال وهو صاعد على المنبر ( أيها الناس والله إني لا أعلم عن أهلي إلا كل خير مالي وأقوام يؤذنني في أهلي)، وكان يدخل البيت على عائشة التي لم تطلب منه الطلاق ولم يندفع هو لتطليقها رغم كل ما يقال عنها وهو ما زال لا يعرف بريئة هي أم لا. وبعد شهر جلس جلسة صفاء ليضع الحل المناسب بكلمات رقيقة فقال لزوجته يا عائشة إن كنت ألممت بذنب فأخبريني أستغفر لك الله.

 لاحظ التصرف فلم يقل أخبريني لأطلقك، فليست البطولة أيتها الزوجة أن نطحن وندوس على من أخطأ ولكن البطولة الحقيقية أن نأخذ بيده ونعينه على الإصلاح والترقي والتوبة ثم قال "وإن كنت ألممت بذنبٍ فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه". تقول أمنا عائشة "والله ما كنت أظن أن الله منزل  في شأني وحياً يُتلى، ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله فيَّ بأمر يُتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في النوم رؤيا يبرئني الله بها". وما قام رسول الله من مقامه حتى نزل الوحي ببراءتها في عشر أيات من سورة النور.

4-         و أخيرا إن كنتِ من الزوجات غير القادرات على الصبر أو علاج الموقف بالهدوء وأردت الطلاق، فاجعليه طلاقاً ناجحاً بالاتفاق بينك وبينه ولا تذكري أنه بسبب جريمة كذا و أنه خانني هذا يضر أكثر مما ينفع، اعملي بقوله تعالى (ولا تنسوا الفضل بينكم) بالذات لأن في مرحلة قادمة بعد الطلاق وهي نظرة الأولاد لأبيهم وفقدان القدوة، ثم مشاكل الحضانة والنفقة كلها تحتاج لهدوء وطلاق بأقل الخسائر.

فسألتني الزوجة : أذا لم تستطع المرأة أن تسامح زوجها فهل الطلاق حل للمشكلة؟

قلت سابقا ليس هو الحل الأمثل. أما ان كانت الزوجة ممن لا يسامحن فلتجعله طلاقا من دون تشهير بوالد أبنائها.

 وعاودت تسالني: ماالنصيحة لتفادي الخيانة مستقبلاً بيني وبينه؟

1-         تقوية الصلة بالله وتشجيع الزوج على العبادة والصلاة وسماع المحاضرات والذهاب للعمرات فإن الدين أكبر حافظ للحياة الأسرية وفي غيبة الزوجة لن يرتكب الزوج معصية لأنه يراقب ربه قبل مراقبة زوجته له.

2-         أن تتفنن الزوجة في ملء عين زوجها بأحسن الملابس واستخدام العطور والنظافة والعناية بجو البيت وعمل المفاجأت له والهدايا والابتسامات المتواصلة والدلال، والله هذا ليس عيباً إنما هو من صميم الشرع، فهذا رسول الله يضع فمه على كوب اللبن مكان شرب وفم عائشة تدليلا لها ويسابقها بالفرس وتسابقه و يخرج ويسافر ترفيها لها و تسلية.

ليتذكر كل زوج مقدم على الخيانة وكل زوجة أن هذا دين سيقضى من أهل بيته وبناته، وأن الفاحشة لا ترضي الله وقد تدمر أسرا بأكملها. ثم ماذا عند الأخريات أكثر مما عند زوجتك؟ قال الله تعالى "ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا". "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون" فهل تحب أيها الزوج أن تكون من المعتدين؟

 استمعت الزوجة خلود لنصائحنا الأسرية والقانونية. وقالت:سأحاول اتباع خطواتك ونصائحك قبل ما أقدم على تدمير بيتي ولن أترك غيري يتمتع بمال زوجي وحياته وأولادي ينحرمون من أبيهم.

فقلت لها: عين العقل عالجيه فإن نجحتِ كان بها، وإن أصر على طريقه رغم كل محاولاتك فالطلاق شرع لمثل تلك الحالات والله أعلم.